كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
=
صحيح، فهل أرادوا الصحة المطلقة، أو أرادوا أن ما رواه بالمدينة فهو من حديثه الذي لم يتلقَّنه، بخلاف ما رواه ببغداد حيث كان يُلقَّن ما ليس من حديثه فيتَلَقَّن، وكونه من حديثه فلا يعني أنه صحيح أو ضعيف، بل ينظر فيه بحسب ما يقتضيه البحث والنظر، أو يحمل القول بالصحة على أن ما رواه بالمدينة أصح مما رواه بالعراق، لا مطلق الصحة.
قال علي بن المديني: كان عند أصحابنا ضعيفًا. تاريخ بغداد ت بشار (١١/ ٤٩٤)، وهذا من التضعيف المطلق.
وقال أيضًا في الكتاب نفسه: حديثه بالمدينة حديث مقارب، وما حدث بالعراق فهو مضطرب، وقد نظرت فيما روى عنه سليمان بن داود الهاشمي، فرأيتها مقاربة. اهـ
فلو أنه أراد الصحة المطلقة ما قال عنها مقاربة، كما أن هذا الحكم في الجملة.
وقال عمرو بن علي: عبد الرحمن بن أبي الزناد فيه ضعف، ما حدث بالمدينة أصح مما حدث ببغداد، كان عبد الرحمن بن مهدي يخط على حديثه. المرجع السابق.
فانظر كيف ضعفه، ثم قال: ما حدث بالمدينة أصح مما حدث ببغداد، فلعل هذا هو ما يريد علي بن المديني حين قال: ما حدث بالمدينة فهو صحيح، وما حدث ببغداد أفسده البغداديون .... ولقنه البغداديون عن فقهائهم، وعدهم: فلان، وفلان، وفلان. المرجع السابق.
وانظر كلام الشيخ أبي أنس الصبيحي في حاشيته على كتاب النكت الجياد المنتخبة من كلام شيخ النقاد (١/ ٤٣٦).
العلة الثانية عند من ضعف الحديث: المخالفة.
فإن أحسن أحوال ابن أبي الزناد أن يكون حسن الحديث بشرط أن لا يتفرد، وأن لا يخالف، وقد تفرد بزيادة رفع اليدين في الحديث، وخالف فيها ابن أبي الزناد عبد الملك بن جريج، ولو خالف ابن أبي الزناد ابن جريج وحده لكفى في شذوذ روايته، كيف وقد خالف كل من روى الحديث عن الأعرج، أو رواه عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج، أو رواه عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، لا يذكر أحد منهم هذا الحرف إلا ابن أبي الزناد، فكان مقتضى القواعد الحكم بشذوذ هذا الحرف ولو كان راويها ثقة، فكيف إذا كان خفيف الضبط.
جاء في كتاب رفع اليدين لابن القيم ت علي العمران (ص: ١٤٧): «قال الطحاوي: حديث عبد الرحمن هذا لا اختلاف بين أهل العلم بالحديث أنه خطأ منه على موسى بن عقبة، وأن أصله الذي رواه الأثبات عن موسى بن عقبة -منهم ابن جريج- ليس فيه من ذكر الرفع شيء».
العلة الثالثة: أن هذا مخالف لما رواه كليب بن شهاب، عن علي بن أبي طالب، فقد روى الطحاوي في مشكل الآثار (٥٨٢٥)، وفي شرح معاني الآثار (١/ ٢٢٥) من طريق أبي بكر النهشلي عن عاصم بن كليب، عن أبيه، وكان، من أصحاب علي، عن علي، رضي الله عنه، مثله.
فكان في هذا الحديث ما قد دل أن زيادة ابن أبي الزناد -إن كانت صحيحة- أعظم الحجتين بترك الرفع في الصلاة بعد تكبيرة الافتتاح؛ لأن عليًّا لا يفعل بعد النبي صلى الله عليه وسلم من هذا خلاف =

الصفحة 557