كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 1)

الدليل الخامس:
(ح-١٢٤٩) ما رواه أبو داود من طريق يحيى بن أيوب، عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام،
عن أبي هريرة، أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة جعل يديه
---------------
=
ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله فيه إلا بعد قيام الحجة عنده في ذلك على نسخ ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله فيه، وبالله التوفيق».
مناقشة العلتين:
لعل من ذهب إلى كون الرفع محفوظًا في حديث ابن أبي الزناد اعتمد على أمور، منها:
الأول: تصحيح الإمام أحمد والترمذي للحديث.
جاء في نصب الراية (١/ ٤١٢): «قال ابن دقيق العيد في الإمام: ورأيت في (علل الخلال) عن إسماعيل بن إسحاق الثقفي، قال: سئل أحمد عن حديث علي هذا، فقال: صحيح».
ونقل النص ابن الملقن في البدر المنير فنص على تصحيح الرفع، قال (٣/ ٤٦٦): «رأيت في علل الخلال أن أحمد سئل عن حديث علي بن أبي طالب في الرفع، فقال: صحيح».
وهناك فرق بين نقل ابن دقيق العيد في الإمام، والناقل عنه الزيلعي في نصب الراية، وقد عرف بتحري الحرفية في النقل، حتى ذكر الرجل الذي سمع سؤال أحمد ونقل جوابه، وهو إسماعيل بن إسحاق الثقفي، وبين نقل ابن الملقن والذي واضح أنه نقله في المعنى، وأبهم ناقل السؤال والجواب، وكلاهما كان معتمدًا في نقله على علل الخلال، وبين النقلين فرق:
فنقل ابن دقيق العيد كان السؤال عن حديث علي رضي الله عنه، فقال: صحيح. وهذا لا جدال فيه، وهو في صحيح مسلم، ولا يلزم منه تصحيح ما تفرد به ابن أبي الزناد.
وبين نقل ابن الملقن والذي واضح أنه نقله في المعنى، وكان السؤال عن الرفع في حديث علي، فكان التصحيح متوجهًا إلى الحكم بتصحيح زيادة الرفع في حديث علي رضي الله عنه، وأشك في دقة نقل ابن الملقن لسببين:
أحدهما: أنهما اعتمدا على مصدر واحد، وهو علل الخلال، فلا بد أن يكون أحدهما خطأً، والأخر صوابًا، ولو لم يذكر المصدر لاحتمل تعدد السؤال.
الثاني: أن الإمام أحمد لا يختار الرفع، فكيف يكون عنده صحيحًا، جاء في مسائل أبي داود (ص: ٥١): سمعت أحمد، «سئل عن الرفع إذا قام من الثنتين؟ قال: أما أنا، فلا أرفع يدي، فقيل له: بين السجدتين أرفع يدي؟ قال: لا».
وجاء في الاستذكار (١/ ٤١١): «قيل لأحمد بن حنبل نرفع عند القيام من اثنتين، وبين السجدتين قال لا، أنا أذهب إلى حديث سالم، عن أبيه، ولا أذهب إلى وائل بن حجر؛ لأنه مختلف في ألفاظه». =

الصفحة 558