كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= فلم يعرج على حديث علي بن أبي طالب؛ فكان هذا قرينة على أنه لا يراه من أحاديث المسألة.
هذا ما يخص تصحيح الإمام أحمد رحمه الله.
وقال الترمذي في السنن ت بشار (٥/ ٣٦٣): «هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا الحديث عند الشافعي وبعض أصحابنا .... سمعت أبا إسماعيل الترمذي محمد بن إسماعيل ابن يوسف يقول: سمعت سليمان بن داود الهاشمي يقول: وذكر هذا الحديث، فقال: هذا عندنا مثل حديث الزهري، عن سالم، عن أبيه».
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي (٩/ ٢٦٩): «يعني أن حديث علي هذا من أصح الأحاديث سندًا، وأقواها، مثل حديث الزهري، عن سالم، عن أبيه».
ولا أظنه يقصد بأنه بمنزلته في الصحة، فإن من يشتغل بالأسانيد، وعنده أدنى معرفة يعرف الفرق بين ما قيل فيه: أصح إسناد في الدنيا: الزهري، عن سالم، عن أبيه، لا يمكن أن يقارن بأصح أسانيد ابن أبي الزناد، فضلًا عن إسناده في هذا الحديث المخالَف فيه، ولكن يقصد أنه بمنزلته في الدلالة على سنية رفع اليدين إلى المنكبين، فقد روى رفع اليدين إلى المنكبين: الزهري، عن سالم، عن ابن عمر في الصحيحين، وهذا واضح.
وقال ابن رجب في شرح البخاري (٦/ ٣٤٧): «وأما حديث علي فصححه الإمام أحمد والترمذي».
وأما الجواب على معارضة حديث ابن أبي الزناد بما رواه أبو بكر النهشلي، فقد اعتبر البخاري حديث ابن أبي الزناد أصح من حديث أبي بكر النهشلي، انظر قرة العينين برفع اليدين في الصلاة (ص: ١٤)، وحكم الإمام البخاري مقدم على اجتهاد الطحاوي عليهما رحمة الله.
وقد أنكر ابن القيم تقديم رواية النهشلي على رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد، قال في كتابه رفع اليدين في الصلاة (ص: ٢٠٥): «فيا سبحان الله ما الذي جعل أبا بكر النهشلي أولى بقبول حديثه من عبد الرحمن بن أبي الزناد؟ ومعلوم عند كل من له علم بالحديث فضل ما بين النَّهشلي وعبد الرحمن بن أبي الزناد في العلم والحفظ والفضل».
ولو صح حديث النهشلي فهو موقوف على الإمام علي رضي الله عنه، فلا يعارض ما رواه مرفوعًا، ويمكن حمل حديث النهشلي على بيان جواز الترك أحيانًا، فهو رد على من قال: إن الرفع واجب، وليس دليلًا على رد حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد، قال ابن القيم في رفع اليدين (ص: ٢٠٧): «حديث أبي بكر إذا صح ففيه الحجة على من يرى الرفع فرضًا في الصلاة مع إمكان منعه للاحتجاج به عليه؛ إذ الحجة عنده في روايته لا في رأيه ومذهبه».
الثاني: أن هذا الحديث قد حدث به عبد الرحمن بن أبي الزناد من أصوله، وليس من حفظه، بدليل أنه قد رواه البخاري في رفع اليدين، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، وقد قال الحافظ في هدي الساري (ص: ٣٩١): روِّينا في مناقب البخاري بسند صحيح، أن إسماعيل أخرج له أصوله، وأذن له أن ينتقي منها، وأن يعلم له على ما يحدث به ليحدث به، ويعرض عما سواه، وهو مشعر بأن ما أخرجه البخاري عنه هو من صحيح =

الصفحة 559