كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 1)

• الراجح:
حمل الأحاديث على صفة واحدة خلاف الظاهر، فاليد إذا أطلقت لا يراد بها الأصابع فقط، ولا الراحة فقط، بل تطلق على مجموع الأصابع والكف، فإذا جاء في الحديث: (رفع يديه إلى أذنيه)، فلا يقال: المراد باليد أعلى الأصابع، وإذا قال: (رفع يديه إلى منكبيه)، لا يقال: المراد بها أسفل الكف دون الأصابع، فإطلاق اسم البعض على الكل يحتاج إلى دليل صحيح، وما ورد في ذلك تفرد به عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، وهو منقطع.
فيبقى الترجيح بين الصفتين: إما إلى المنكبين، وأحاديثه أصح، وأكثر، وإما إلى الأذنين، وهي صحيحة، وإن لم تكن بقوة أحاديث الرفع إلى المنكبين، ولا يسقط الصحيح؛ لثبوت الأصح إلا إذا كان العمل يوجب الأخذ بأحدهما دون الآخر، أما إذا أمكن القول بتعدد الصفة، فإنه لا يمكن رد الصحيح لوجود الأصح، بل يفعل المصلي هذا تارة، ويفعل ذلك تارة، ويكون هذا من توسعة الشريعة على المصلين، فلا يخرج من السنة من فعل أحدهما، أو فعل هذا تارة، وهذا تارة، وإن كان أحب إلى نفسي أن يكون رفعه إلى المنكبين أكثر ما يفعله المصلي في صلاته؛ لأنه جاء هذا النقل عن الصحابة الذين كانوا ملازمين للنبي صلى الله عليه وسلم في حياته إلى أن لحق النبي عليه الصلاة والسلام بالرفيق الأعلى، هذا ما ظهر لي، والله أعلم بالصواب.

* * *

الصفحة 568