كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
=
الإمام، ونسي ما لم يختلف العلماء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم النحر في وقتها، ونسي كيفية جمع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة .... وإذا جاز على عبد الله أن ينسى مثل هذا في الصلاة خاصة، كيف لا يجوز مثله في رفع اليدين؟».
و قال ابن حبان في صحيحه (٥/ ١٩٤) بعد الحديث (١٨٧٤): «كان ابن مسعود رحمه الله ممن يشبِّك يديه في الركوع، وزعم أنه كذلك رأى النبي صلى الله عليه وسلم يفعله، وأجمع المسلمون قاطبةً من لدن المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا على أن الفعل كان في أول الإسلام، ثم نسخه الأمر بوضع اليدين للمصلي في ركوعه، فإن جاز لابن مسعود في فضله وورعه وكثرة تعاهده أحكام الدين وتفَقُّده أسباب الصلاة خلف المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهو في الصف الأول إذ كان من أولي الأحلام والنهى أن يخفى عليه مثل هذا الشيء المستفيض الذي هو منسوخ بإجماع المسلمين، أو رآه فنسيه، جاز أن يكون رفع المصطفى صلى الله عليه وسلم يديه عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع مثل التشبيك في الركوع؛ أن يخفى عليه ذلك، أو ينساه بعد أن رآه».
هذا وجه الاختلاف على عمرو بن مرة في إسناده، بين شعبة، وحصين بن عبد الرحمن ولكل مرجح،
أما ما يرجح طريق شعبة، فأمران:
الأول: كونه لم يأتِ به على الجادة المشهورة، ومثل هذا لا يأتي به إلا من حفظ إسناده.
قال عبد الله بن أحمد في العلل (١٠٥٨): «سألت أبي عن حديث: هشيم، عن حصين، عن عمرو بن مرة، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: في الرفع؟ قال: رواه شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن عبد الرحمن اليحصبي، عن وائل، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ خالف حصين شعبة.
فقال: شعبة أثبت في عمرو بن مرة من حصين، القول: قول شعبة، من أين يقع شعبة على أبي البختري عن عبد الرحمن اليحصبي عن وائل؟».
قال ابن رجب في شرح العلل (٢/ ٨٤٣): «يشير إلى أن هذا إسناد غريب؛ لا يحفظه إلا حافظ، بخلاف علقمة بن وائل عن أبيه، فإنه طريق مشهور».
الثاني: أنه قد رواه غير شعبة، فقد رواه عبد الأعلى بن عامر الثعلبي.
أخرجه الطبراني في الكبير (٢٢/ ٤٢) ح ١٠٦ من طريق محمد بن كثير (هو العبدي)، حدثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، قال: صليت خلف عبد الرحمن اليحصبي، فسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره مثل ذلك، قال: قلت له: من أين أخذت هذا؟ قال: صليت خلف وائل بن حجر، قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل مثل ذلك حتى رأيت بياض خديه.
وأخرجه ابن الأعرابي في المعجم (١٥١١) من طريق أبي غسان (مالك بن إسماعيل)، عن إسرائيل به.
ويرجح طريق حصين الحوار الذي دار بين علقمة وإبراهيم عن رواية أبيه، والمقارنة بين صحبة وائل وصحبة عبد الله بن مسعود، فإن نقل مثل هذا الحوار يبعد اختلاقه إلا أن يتعمد، وليس في الإسناد من يتهم بذلك، وقد يكون الطريقان محفوظين، والنظر في حال اليحصبي وهو مجهول، وحديث علقمة بن وائل عن أبيه محفوظ إسناده في صحيح مسلم، ويبقى النظر في متنه، فإن حديث وائل فيه زيادات كثيرة لا تثبت، من ذلك الرفع عند السجود، والله أعلم.

الصفحة 583