كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 1)

عن سهل بن سعد، قال: كان الناس يُؤْمَرُونَ أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة.
قال أبو حازم: لا أعلمه إلا يَنْمِي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال البخاري: قال إسماعيل: يُنْمَى ذلك، ولم ينقل: يَنْمِي (¬١).
وإسماعيل: هو ابن أبي أويس.
• جواب المخالفين:
بأن أبا حازم لم يقطع بنسبته للنبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ لو كان مرفوعًا ما احتاج أبو حازم إلى قوله: لا أعلمه. وهذا كافٍ في ثبوت إعلاله.
• وأجيب:
بأن أبا حازم صدر الحديث بلفظ ليس صريحًا بالرفع وذلك حين قال: (كان الناس يُؤْمَرُونَ) فهو بمعنى (أُمِرنا) فهذه الصيغة ليست صريحة بالرفع، وإنما لها حكم الرفع على الصحيح؛ لأنه لا آمر للصحابة إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم إلا أن تأْتِيَ قرينة على أنه قصد غير النبي صلى الله عليه وسلم.
فأراد أبو حازم أن يصرح بالرفع فقال: (لا أعلمه إلا يَنْمِي)، فهذا رجوع منه إلى التصريح بالرفع بعد أن صدر الحديث بلفظ ليس من قبيل الصريح، وقد استخدم بذلك طريق الحصر، وهو أبلغ شيء في إفادة رفعه، وليس شَكًّا في رفعه.
ولهذا قال ابن حجر: «أراد الانتقال إلى التصريح، فالأول لا يقال له: مرفوع، وإنما يقال: له حكم الرفع» (¬٢).
وقال النووي: وهذه العبارة صريحة في الرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن حجر: «ومن اصطلاح أهل الحديث إذا قال الراوي: (يَنْمِيه)، فمراده يرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولو لم يقيده» (¬٣).
وقال البيهقي: لا خلاف في ذلك بين أهل النقل (¬٤).
---------------
(¬١). صحيح البخاري (٧٤٠).
(¬٢). فتح الباري (٢/ ٢٢٤).
(¬٣). فتح الباري (٢/ ٢٢٥).
(¬٤). انظر مختصر خلافيات البيهقي (١/ ٤٩٦).

الصفحة 604