كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 1)

الدليل الرابع:
أنه عمل الصحابة رضوان الله عليهم، ولا يعرف عنهم خلاف في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة.
قال ابن عبد البر: «لم تختلف الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب، ولا أعلم عن أحد من الصحابة في ذلك خلافًا إلا شيئًا روي عن ابن الزبير أنه كان يرسل يديه إذا صلى، وقد روي عنه خلافه» (¬١).
وهناك أدلة أخرى سوف أستشهد بها عند ذكر صفة الوضع إن شاء الله تعالى.
• دليل من قال: يرسل يديه.
الدليل الأول:
نقل أصحاب مالك أن مذهبه في الإرسال مبني على أنه لم يسمع فيه بشيء، والأصل عدم الاستحباب، فتبقى اليدان على وضعهما، وكذا العمل في كل شيء لم يرد فيه سنة، فإنه يكون على طبيعته (¬٢).
---------------
=
قلت: ولا يصح عن عائشة رضي الله عنها، فقد أخرج أثر عائشة رضي الله عنها البخاري في التاريخ الكبير (١/ ٣٢)، وابن المنذر في الأوسط (٣/ ٩٢)، والدارقطني (١٠٩٥)، والبيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٤٥) من طريق محمد بن أبان الأنصاري، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ثلاث من النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليمنى على اليسرى في الصلاة.
قال البخاري: لا يعرف لمحمد سماع من عائشة.
وقال النووي في المجموع (٣/ ٣١٣): محمد هذا مجهول، ثم نقل عن البخاري قوله بعدم السماع من عائشة.
قال ابن عبد البر كما في الميزان (٥/ ٣٢): «قد قيل: إن محمد بن أبان هذا لم يَرْوِ عنه إلا يحيى بن أبي كثير، وإنه مجهول، والصحيح أنه مدني معروف، روى عنه الأوزاعي أيضًا، وله عن القاسم وعروة وعون بن عبد الله وهو شيخ يماني ثقة».
وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٩/ ٢٥٠): «ومحمد بن أبان هذا هو: محمد بن أبان الأنصاري المديني؛ إلا أني أظن أنه لم يدرك عائشة، وأخشى أن يكون محمد بن أبان الذي يروي عن القاسم، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يعصي الله فلا يعصه)، وقد جعلهما العقيلي رجلين، وكذلك جعلهما أبو حاتم رجلين ..... فسقط هذا الحديث أن يحتج به في هذا الباب؛ للاختلاف في متنه ومعناه».
(¬١). التمهيد لابن عبد البر (٢٠/ ٧٤).
(¬٢). انظر: التاج والإكليل (٢/ ٢٤٠).

الصفحة 610