كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 2)

وقيل: يسن الجهر بها في الصلاة الجهرية، وهو قول للشافعية في مقابل الأصح، وجوز مالك الجهر بها في قيام رمضان، وهو ظاهر المدونة (¬١).
وقال الشافعي في الأم: «أيهما فعل أجزأه» (¬٢)، وفهم أصحابه منها التخيير بينهما.
وقال ابن أبي ليلى: «الإسرار والجهر سواء، هما حسنان» (¬٣).
* دليل من قال: لا يجهر بالاستعاذة:
الدليل الأول:
قال ابن تيمية: «لم يَنْقُل أحدٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جهر بالاستعاذة» (¬٤).
وقال السرخسي: «الجهر بالتعوذ لم يُنْقَل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان يجهر به لنقل نقلًا مستفيضًا» (¬٥).
وقال ابن قدامة: «ولا يجهر بها -يعني الاستعاذة- لا أعلم فيه خلافًا» (¬٦).
وإذا لم يصح الإجماع فإنه يدل على أنه قول أكثر الأمة.
الدليل الثاني:
أن الإسرار بها عمل الخلفاء الراشدين، إلا أن يجهر لعارض كما لو جهر بقصد التعليم، أما أن يجهر بها على سبيل الدوام فاعتبر ابن تيمية ذلك بدعة في العبادة.
---------------
(¬١). جاء في البيان والتحصيل (١/ ٤٩٦) تعليقًا على ما جاء في العتبية: «قال محمد بن رشد: كراهة الجهر بالاستعاذة في قيام رمضان خلاف قوله في المدونة».
وجاء في شرح زروق على متن الرسالة (١/ ٢١٨): «في جواز الجهر بالتعوذ وكراهته قولان .... ظاهر المدونة ... جواز الجهر، وفي العتبية كراهة الجهر».
وجاء في المدونة (١/ ١٦٣): «قال مالك: ولا يتعوذ الرجل في المكتوبة قبل القراءة، ولكن يتعوذ في قيام رمضان إذا قرأ، قال: ولم يزل القراء يتعوذون في رمضان إذا قاموا».
فلولا جهرهم بالتعوذ لم يعلم منهم ذلك، والله أعلم.
وانظر في قول الشافعية: فتح العزيز (٣/ ٣٠٥)، المجموع (٣/ ٣٢٤)، كفاية الأخيار (ص: ١١٤)،
(¬٢). الأم (١/ ١٢٩)، وانظر: المجموع (٣/ ٣٢٤)، تفسير ابن كثير ت السلامة (١/ ١١٣).
(¬٣). المجموع (٣/ ٣٢٦).
(¬٤). مجموع الفتاوى (٢٢/ ٤٠٥).
(¬٥). المبسوط (١/ ١٣).
(¬٦). المغني (١/ ٣٤٣).

الصفحة 147