كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 2)

وجه الاستدلال:
دل الحديث بمنطوقه: أن الصلاة تفتتح بقراءة الفاتحة، ومفهومه: أنه لم يكن يفتتح الصلاة بدعاء الاستفتاح.
* ويجاب بأكثر من جواب:
الجواب الأول:
أن الاستدلال بحديث أنس استدلال بالمفهوم، والمفهوم إذا عارضه منطوق تبين أن المفهوم غير مراد، فلا يقدم المفهوم على منطوق حديث أبي هريرة في الصحيحين وحديث علي بن أبي طالب في مسلم.
الجواب الثاني:
لو كان حديث أنس على ظاهره بأن المقصود فيه افتتاح الصلاة لدَلَّ على أن الصلاة تفتتح بكلمة (الحمد لله رب العالمين) دون التكبير (¬١).
الجواب الثالث:
أن حديث أنس رضي الله عنه معارض لأحاديث أبي هريرة في الصحيحين، وحديث عليٍّ في صحيح مسلم، والتي حفظت لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو دعاء الاستفتاح قبل القراءة، والمنهج إذا تعارضت الأدلة أن يجمع بينها -إن أمكن ذلك بلا تكلف- قبل أن يصار إلى الترجيح؛ لأن في الجمع إعمالًا لكلا الدليلين، وفي الترجيح إهمالًا لأحدهما، والجمع له أكثر من وجه:
الوجه الأول:
أن المراد بـ (يفتتحون الصلاة): أي يفتتحون القراءة في الصلاة، هكذا رواه جماعة عن قتادة، منهم هشام الدستوائي، وهمام، وسعيد بن أبي عروبة، وأبو عوانة وحماد بن سلمة، وغيرهم، عن قتادة، عن أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعمر، وعثمان يفتتحون القراءة بـ الحمد لله رب العالمين، وهكذا رواه حميد الطويل وثابت عن أنس (¬٢).
---------------
(¬١). فتح الباري لابن رجب (٦/ ٣٨٩).
(¬٢). حديث أنس رضي الله عنه رواه عنه قتادة، ورواه عن قتادة كبار أصحابه، ومن رواه بلفظ:=

الصفحة 35