كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 2)
أمن) أي: إذا شرع في التأمين، أو إذا فرغ منه.
* ورد هذا القول:
الرد الأول: حمل حديث (إذا أمن الإمام) على بلوغ الإمام محل التأمين مجاز، والأصل عدم المجاز (¬١).
كما أن المجاز لا يصار إليه إلا عند تعذر حمل الكلام على حقيقته، ولم يتعذر.
الرد الثاني: أن معنى إذا أمن: أي إذا أراد التأمين، كما في قوله تعالى: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة:١٢]،
وكما في قوله في حديث أنس: (كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) (¬٢)، أي: إذا أراد دخوله.
وكقولهم: إذا رحل الأمير فارحلوا: أي إذا تهيأ للرحيل فتهيؤوا (¬٣).
الوجه الثاني: يحتمل معنى: (إذا أمن): إذا دعا بقوله: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيم} إلى آخر السورة، بدليل أن الله سمى التأمين دعاء، في قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا} [يونس: ٨٨]، وإنما كان الداعي موسى وكان هارون مؤمنًا (¬٤).
وعلى هذا التأويل لا يكون في الحديث دليل على تأمين الإمام.
* ورد هذا:
بأن تسمية الداعي مُؤَمِّنًا من باب إثبات اللغة بالقياس، واللغة لا تثبت بالقياس في قول الحنفية والمالكية، وبعض الشافعية، ورجحه الشوكاني (¬٥).
---------------
(¬١). فتح الباري (٢/ ٢٦٤)، التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٣٤٤).
(¬٢). رواه البخاري (١٤٢)، ومسلم (١٢٢ - ٣٧٥) من طريق عبد العزيز بن صهيب، عن أنس.
(¬٣). شرح النووي على صحيح مسلم (٤/ ١٢٠)،فتح الباري لابن رجب (٧/ ٩٧)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٢/ ٥٨٢).
(¬٤). القبس شرح الموطأ (ص: ٢٣٦)، المسالك في شرح موطأ مالك (٢/ ٣٨١)، الاستذكار (١/ ٤٧٤)، المنتقى للباجي (١/ ١٦١).
(¬٥). شرح التلويح على التوضيح (٢/ ١١٤)، البحر المحيط في أصول الفقه (٢/ ٢٥٥)، فتح القدير لابن الهمام (١٠/ ٨٣)، قواطع الأدلة (٢/ ١٩٩)، بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٢٥٨)، الأشباه والنظائر للسبكي (٢/ ١٧٤)، إرشاد الفحول (١/ ٥١).