كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 2)
الوجه الثاني:
أنه علق تأمين المأموم على سماع تأمين إمامه بالشرط (إذا)، فقال: (إذا أمن الإمام فأمنوا)، ولوكان المأموم يؤمن مع الإمام لم يعلم بتأمين الإمام خاصة مع كثرة المصلين.
قال أبو بكر الأثرم: «(إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا) فقد بيَّن أن تأمين الإمام يُسمَع، فيؤمِّن مَن خلفه بتأمينه» (¬١).
وقال ابن المنذر في الأوسط: « ... محال أن يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المأموم أن يؤمِّن إذا أمَّن إمامه وهو لا يجد السبيل إلى معرفة تأمين إمامه» (¬٢).
* وأجيب عن هذا الاستدلال بأجوبة كثيرة، منها:
الجواب الأول:
قولكم: الأصل في أفعال المأموم أن تقع بعد أفعال الإمام، هذا صحيح، إلا أن هذا العموم خُصَّ منه التأمين بالنص، والخاص مقدم على العام، لحديث أبي هريرة في الصحيحين: (وإذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين). وهذا نص في محل النزاع، يكشف عن موضع تأمين المأموم، لهذا قال الجمهور: لا يستحب للمأموم مقارنة إمامه في شيء غير التأمين.
الجواب الثاني:
قولكم: (إذا أمن المأموم مع الإمام لم يعلم تأمين الإمام)، والحديث قد رتب تأمين المأموم على سماع تأمين إمامه بقوله: (إذا أمن فأمنوا).
فالجواب، قال ابن عابدين: «إن موضع التأمين معلوم، فإذا سمع لفظة {وَلَا الضَّالِّين} [الفاتحة: ٧] كفى لأن الشارع طلب من الإمام التأمين بعده، فصار من التعليق بمعلوم الوجود» (¬٣).
وقال أبو الوليد الباجي: «معنى قوله: (إذا أمن الإمام فأمنوا) أي: إذا قَدَّرْتُم أنه
---------------
(¬١). الناسخ والمنسوخ (١٣٤).
(¬٢). الأوسط لابن المنذر (٣/ ١٣٠).
(¬٣). حاشية ابن عابدين (١/ ٤٩٣).