كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 2)

عن عمر رضي الله عنه أنه كان يجهر به بمحضر من الصحابة؛ ليتعلمه الناس.
قال ابن تيمية: واختيار هؤلاء، وجهر عمر به أحيانًا بمحضر الصحابة ليتعلمه الناس مع أن السنة إخفاؤه يدل على أنه الأفضل.
الوجه الثالث:
ومنها أنه استفتاح أخلص للثناء على الله، وغيره من الاستفتاحات متضمن للدعاء، والثناء أفضل من الدعاء، ولهذا كانت سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن؛ لأنها أخلصت لوصف الرحمن تبارك وتعالى والثناء عليه.
فإذا قلت: (سبحانك الله وبحمدك) جمعت بين التنزيه والكمال: أي نزهتك تنزيهًا مقرونًا بحمدك، والحمد: يتضمن الحب والثناء.
وإذا قلت: (وتبارك اسمك) اسم مفرد مضاف، فيشمل جميع أسماء الله تعالى.
وإذا قلت: (وتعالى جدك) أي أن عظمتك وغناك عالية لا يساميها أي عظمة.
وإذا قلت: (ولا إله غيرك) ختمتها بكلمة التوحيد الذي أرسل بها جميع الرسل، فجاءت كلمة التوحيد بعد الثناء عليه ليكون توحيده بالألوهية مبنيًّا على كماله سبحانه (¬١)، وهي أثقل شيء في الميزان كما يفيده حديث البطاقة، وهو حديث صحيح خرجته في حكم تارك الصلاة.
الوجه الرابع:
أن الاستفتاح بـ (سبحانك اللهم ... ) متضمن للإخبار عن صفات كماله، ونعوت جلاله، والاستفتاح بوجهتُ وجهي إخبار عن عبودية العبد، وبينهما فرق.
الوجه الخامس:
أن من اختار الاستفتاح بـ (وجهت وجهي) كالشافعية لا يكملونه، وإنما يأخذون بقطعة من الحديث ويذرون باقيه، بخلاف الاستفتاح بـ (سبحانك اللهم وبحمدك) فإن من ذهب إليه يقوله كله إلى آخره (¬٢).
فإن قيل: هذا ثناء ليس فيه دعاء.
---------------
(¬١). انظر الشرح الممتع (٣/ ٤٦، ٤٨).
(¬٢). زاد المعاد (١/ ١٩٩).

الصفحة 69