كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 2)

الدليل الثالث:
قال إسحاق: وإذا أراد أن يجمع بين: سبحانك اللهم ... وبين: وجهت وجهي ... أحب إلي، لما يرويه المصريون، حديثًا عن الليث بن سعد، عن سعيد بن يزيد، عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
جاء في كتاب العلل لابن أبي حاتم: قال أحمد: هذا حديث باطل موضوع، لا أصل له، أرى أن هذا من رواية خالد بن القاسم المدائني، وكان بالمدائن، خرج إلى مصر، فسمع من الليث، فرجع إلى المدائن، فسمع منه الناس، فكان يوصل المراسيل، ويضع لها أسانيد. فخرج رجل من أهل الحديث إلى مصر في تجارة، فكتب كتب الليث هناك ... ثم جاء بها إلى بغداد، فعارضوا بتلك الأحاديث فبان لهم أن أحاديث خالد مفتعلة (¬١).
* وجه القول بأنه يفعل هذا تارة، وهذا تارة:
الوجه الأول:
أن الصفات المتنوعة يشرع الأخذ بكل ما صح بشرطين:
أحدهما: أن يصح الدليل المثبت للمشروعية.
الثاني: أن تخلو المسألة من مانع يمنع القول بالتنوع، كما لو كانت الحادثة لم تقع إلا مرة واحدة، واختلفت فيها الروايات، فلا سبيل إلى إثبات التنوع فيها، فهنا يصار إلى الترجيح، أما إذا تعددت الوقائع، وصحت الدلائل فجميع صفات العبادة مشروعة، ولا يكره شيء منها، ومنها أدعية الاستفتاح، وتنوع الأذان، والتشهد في الصلاة، ونحوها.
الوجه الثاني:
أن المستحب في تنوع العبادة أن تفعل على الوجه الذي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم وهذه حقيقة التأسي به صلى الله عليه وسلم، فالثابت عنه أنه كان يأتي بهذه الأدعية، كل نوع على حدة، فلم يصح عنه أنه كان يجمع بينها، فلا يستحب الجمع، ولا أنه كان يلزم
---------------
(¬١). العلل لابن أبي حاتم (٤١٠)، وانظر: مسائل حرب الكرماني، من أول كتاب الصلاة، ت الغامدي (ص: ٥٠)، نصب الراية (١/ ٣١٩)، الدراية في تخريج أحاديث الهداية (١/ ١٢٩).

الصفحة 73