كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 2)

صيغة واحدة، فكان مقتضى التأسي فعل كل ما صح عنه صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثالث:
أن التفضيل بين هذه الأدعية مع ثبوتها كلها ليس مبنيًّا على تفضيل شرعي اقتضاه تقديم الرسول صلى الله عليه وسلم لبعضها على بعض، أو لأنه ثبت أن بعضها كان أكثر استعمالًا، أو لأن الآخر إنما فعل في حالات قليلة، أو لأنه ثبت أنه فعل بعضها تحت داعي الحاجة، أو السرعة، أو لبيان الجواز، فإذا لم يوجد مقتضي التفضيل كانت التسوية بينهما من العدل المأمور به.
الوجه الرابع:
أن في تنوع العبادة فوائد تعود على العبادة نفسها، من ذلك:
أنه يلزم من التزام نوع واحد هجر للسنن الباقية، وذريعة لاندراس بعض السنن المتنوعة كتنوع الأذان والاستفتاحات والتشهد، بخلاف التنوع فإن فيه إحياء لجميع السنن الواردة في العبادة، وإصابة للسنة من جميع وجوهها.
ومنها: أن في فعلها كلها سببًا في انتشارها وشهرتها وفي تركها قد تتحول السنة عند بعض الناس إلى منكر، فينكر على من يفعل بعض الصفات المشروعة؛ لجهل الناس بها.
ومنها: أن التنوع أدعى لخشوع القلب وحضوره؛ لأن التزام صفة واحدة يحول العبادة إلى عادة يؤديها بلا حضور قلب أو خشوع.
* الراجح:
كل من فَضَّل بين أدعية الاستفتاح فقد نظر في تفضيل بعضها على بعض إلى أحد وجوه التفضيل، فلا يوجد أن أحدها له الأفضلية المطلقة:
فمنهم من نظر في التفضيل إلى معنى دعاء الاستفتاح، فوجد أن الثناء على الله سبحانه وتعالى ونعوته بأوصاف الجلال والكمال أولى من غيره، فقدم قوله: (سبحانك اللهم وبحمدك)؛ لأنه ثناء خالص لله، ولم يَرَ التفاوت في الأصحية سببًا في التفضيل.
وبعضهم نظر في التفضيل لكون حديث التوجه يشتمل على آيات من القرآن الحكيم، ففضل الافتتاح بـ (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض

الصفحة 74