كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 3)

قال الطحاوي: «ففي هذا الحديث ما قد دل على أن سورة الحجرات ليست منه، وأنها مدنية ... » (¬١). ثم ذكر الحجج على مدنيتها.
والقول بأن المفصل كله مكي لا يطابق الواقع، فالمجادلة والحشر، والمنافقون، والتحريم، والطلاق، وغيرها كلها في أحكام الحلال والحرام، وهي مدنية، ولا يختلف أحد أنها من المفصل.
* واستدل من قال: أول المفصل من الرحمن:
(ح-١٥١٣) بما رواه أبو داود، من طريق إسماعيل بن جعفر، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن علقمة، والأسود، قالا:
أتى ابن مسعود رجل، فقال: إني أقرأ المفصل في ركعة، فقال: أَهَذًّا كهذ الشعر، ونثرًا كنثر الدقل، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ النظائر السورتين في ركعة، الرحمن والنجم في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة، والطور والذاريات في ركعة، وإذا وقعت، ونون في ركعة، وسأل سائل والنازعات في ركعة، وويل للمطففين وعبس في ركعة، والمدثر والمزمل في ركعة، وهل أتى ولا أقسم بيوم القيامة في ركعة، وعم يتساءلون والمرسلات في ركعة، والدخان وإذا الشمس كورت في ركعة»، قال أبو داود: هذا تأليف ابن مسعود رحمه الله (¬٢).
ورواه الفريابي من طريق يحيى بن آدم، عن إسرائيل به بنحوه، وفيه: ... ولكن
---------------
= وإسرائيل، ما أقربهم في أبي إسحاق، في حديثهم عنه لين، ولا أراه إلا من أبي إسحاق»، وقال أبو حاتم في إسرائيل: هو من أتقن أصحاب أبي إسحاق.
وقال أبو طالب والفضل بن زياد للإمام أحمد: من أحب إليك يونس أو إسرائيل في أبي إسحاق؟ قال: إسرائيل؛ لأنه صاحب كتاب.
وقال أبو داود: قلت لأحمد: إسرائيل إذا انفرد بحديث يحتج به؟ قال: إسرائيل ثبت في الحديث.
وقال عيسى بن يونس: قال إسرائيل: كنت أحفظ حديث أبي إسحاق كما أحفظ السورة من القرآن. اهـ
فإسرائيل ثبت في جده أبي إسحاق، فلعل روايته هي المحفوظة، والله أعلم.

(¬١). شرح مشكل الآثار (٣/ ٣٩٧).
(¬٢). سنن أبي داود (١٣٩٦).

الصفحة 117