كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 3)

فيما أسر فيه، ولا يقرأ خلفه فيما جهر فيه» (¬١).
(ح-١٤٧٠) واستدلوا بما رواه مالك في الموطأ، عن ابن شهاب، عن ابن أكيمة الليثي،
عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: هل قرأ معي منكم أحد آنفًا؟ فقال رجل: نعم. أنا يا رسول الله قال، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني أقول ما لي أنازع القرآن؟ فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيما جهر فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقراءة، حين سمعوا ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬٢).
[صحيح إلا أن قوله: (فانتهى الناس عن القراءة ... ) إلخ مدرج من قول الزهري، قاله أحمد، والبخاري والذهلي، وأبو داود، وجماعة] (¬٣).
وجه الاستدلال:
فقوله: (مالي أنازع القرآن)؟ فإذا أسر المأموم القراءة فقد انتفت العلة.
ولمفهوم قوله: (فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فدل على أنهم لم ينتهوا عن القراءة في السر.
ولأن المأمور بالاستماع والإنصات هو من يسمع القرآن دون من لم يسمع، قال تعال: {وَإِذَا قُرِاءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون} [الأعراف: ٢٠٤] فالمأموم إما مستمع وإما قارئ، ولا يتعبد بسكوت لا استماع معه.
وقال الحنفية: لا يقرأ خلف الإمام مطلقًا، وبه قال أشهب وابن وهب وابن حبيب من المالكية (¬٤).
وأدلة الحنفية على التحريم هي أدلتهم نفسها في تحريم قراءة الفاتحة خلف الإمام، وقد سبق ذكرها، فإذا حَرُمَت الفاتحة على المأموم حَرُمَ غيرها من باب أولى.
---------------
(¬١). المنتقى للباجي (١/ ١٥٩).
(¬٢). الموطأ (١/ ٨٦).
(¬٣). سبق تخريجه، انظر (ح ١٤٠١).
(¬٤). فتح القدير (١/ ٣٣٨)، إكمال المعلم (٢/ ٢٧٨)، شرح التلقين (١/ ٥٩٤)، المنتقى للباجي (١/ ١٥٩)، شرح ابن ناجي التنوخي على الرسالة (١/ ١٧٣).

الصفحة 12