كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 3)

وقوله: (وكانت صلاته بعد تخفيفًا) قال ابن رجب: والظاهر أنه أراد أن صلاته بعد الفجر كانت أخف من صلاة الفجر (¬١).
* وأجيب:
بأن قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - لسورة (ق) ليس دليلًا على تفضيل قراءة هذه السورة بذاتها لصلاة الصبح، فليست قراءتها في الصبح كقراءة سورة السجدة والإنسان في فجر الجمعة؛ وإذا لم يدل على تفضيل سورة (ق) في صلاة الصبح لم يدل على استحباب طوال المفصل من باب أولى، كما أن قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الصبح من الطوال، أو من المئين، أو من المثاني لا يدل على استحباب هذه السور بذاتها، فضلًا أن يدل على استحباب القراءة من هذه الأحزاب بذاتها. بل يؤخذ من الحديث دليل على استحباب القراءة بمثل هذا المقدار من الآيات في صلاة الصبح من أي سورة شاء، ولَإِنْ صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ في الصبح بطوال المفصل،
---------------
= ويونس بن محمد المؤدب، كما في شرح معاني الآثار (١/ ٢٠٧)،
وهدبة بن خالد كما في المعجم الكبير للطبراني (٢/ ٣٣٢) ح ١٩٦٦.
وأبو الوليد الطيالسي كما في سنن الدارمي (١٣٢٧).
وحجاج بن منهال كما في القراءة خلف الإمام للبخاري ط دار الصميعي (٢٥٣)، عشرتهم رووه عن حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن جابر مرفوعًا، كان يقرأ في الظهر والعصر بـ {السماء والطارق}، {والسماء ذات البروج} وما شابهها.
والمحفوظ في تسمية السورة ما رواه ابن مهدي ومعاذ بن معاذ عن شعبة، عن سماك بن حرب، بذكر (والليل إذا يغشى)، وما وافقها من رواية يونس بن حبيب، عن أبي داود الطيالسي، عن شعبة به، والله أعلم.
وأما رواية حماد بن سلمة، عن سماك به بلفظ: كان يقرأ في الظهر والعصر بالسماء والطارق والسماء ذات البروج، فهي رواية شاذة، وحماد قد تغير بآخرة كما ذكره أبو حاتم الرازي، وهو ثقة إذا روى عن ثابت وحميد، صدوق إذا روى عن غيرهما، ما لم يتفرد أو يخالف، والله أعلم.
وأما ذكر السورة التي يقرأ فيها بالصبح.
فشعبة ذكر ما يقرأ في صلاة الظهر، ثم قال: والصبح أطول من ذلك، ولم يحدد سورة.
والثوري وإسرائيل ذكرا سورة الواقعة.
وزائدة وزهير ذكرا سورة ق، فهذا الاختلاف من قبل سماك، فإن في حفظه شيئًا، والله أعلم.
(¬١). فتح الباري لابن رجب (٧/ ٥٦).

الصفحة 133