كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 3)

أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى أن صَلِّ الظهر إذا زاغت الشمس، والعصر والشمس بيضاء نقية قبل أن يدخلها صفرة، والمغرب إذا غربت الشمس، وأخر العشاء ما لم تنم، وصَلِّ الصبح، والنجوم بادية مشتبكة، واقرأ فيها بسورتين طويلتين من المفصل (¬١).
[صحيح] (¬٢).
* ويجاب:
بأن عمر ربما أراد بذكر المفصل ضرب المثال على مقدار القراءة، لا أنه أراد تفضيل المفصل نفسه على غيره من السور، بدليل أن عمر رضي الله عنه نقلت عنه القراءة في صلاة الصبح، فلم تكن أكثر قراءته من المفصل، بل ثبت عنه القراءة من الطوال، ومن المئين ومن المثاني، وبلفظ يدل على تكرره منه بلفظ: (كان) الدالة على الاستمرار، وحتى أخذ عنه بعض من يصلي خلفه سورة يوسف من كثرة ما كان يرددها في صلاة الصبح، وسوف أخرج عنه هذه الآثار إن شاء الله تعالى في أدلة القول الآخر، فانظرها تكرمًا.
* دليل من قدر القراءة بعدد الآيات، سواء أكان ذلك من المفصل أم من غيره:
الدليل الأول:
(ح-١٥١٨) ما رواه البخاري، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا سيار بن سلامة، قال:
دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي، فسألناه عن وقت الصلوات، فقال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر حين تزول الشمس، والعصر، ويرجع الرجل إلى أقصى المدينة، والشمس حية -ونسيت ما قال في المغرب- ولا يبالي بتأخير العشاء إلى ثلث الليل، ولا يحب النوم قبلها، ولا الحديث بعدها، ويصلي الصبح، فينصرف الرجل، فيعرف جليسه، وكان يقرأ في الركعتين -أو إحداهما- ما بين الستين إلى المائة (¬٣).
---------------
(¬١). الموطأ (١/ ٧).
(¬٢). ومن طريق مالك رواه عبد الرزاق في المصنف (٢٠٣٦)، وابن المنذر في الأوسط (٢/ ٣٧٥)، والبيهقي في السنن الكبرى (١/ ٥٤٤)، وفي المعرفة (٢/ ٢٩١، ٢٩٦).
(¬٣). صحيح البخاري (٧٧١)، وهو في مسلم (٤٦١).

الصفحة 138