كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 3)

وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون} [الأعراف: ٢٠٤].
فأمر الله بالإنصات لعلة السماع، فانتفى الأمر في الصلاة السرية لانتفاء علته، وكيف ينصت لشيء لا يسمعه؟
ولأن اشتغاله بالقراءة أولى من تفرغه للوسواس، وحديث النفس.
وإذا كان الإمام لا ينوب عن المأموم في سائر أذكار الركوع والسجود والتشهد، فكذلك لا ينوب عنه في قراءة ما زاد على الفاتحة في الصلاة السرية.
وأشار ابن عبد البر إلى تخريج قراءة من لم يسمع قراءة إمامه مِنْ إجازة بعض أصحاب مالك كلامَ مَنْ لم يسمع خطبة الإمام في الجمعة.
قال ابن عبد البر نقلًا من مواهب الجليل: «يتخرج فيه قول بأنه يقرأ، من قول من قال من أصحاب مالك: إنه يجوز التكلم لمن لا يسمع خطبة الإمام» (¬١).
مع مراعاة الفرق بأن الكلام مباح إذا لم يسمع خطبة الجمعة، وقراءة المأموم من الذكر في الصلاة، وهو مشروع في السرية، فكذلك هنا، فيكون جوازه في الفرع أولى من جوازه في الأصل المقيس عليه.
وقيل: لا يقرأ، وهو المنصوص عند المالكية، واقتصر عليه خليل في مختصره، ووجه في مقابل الأصح عند الشافعية (¬٢).
قال خليل: «وإنصات مُقْتَدٍ، ولو سكت إمامه» (¬٣).
وقال الدردير في الشرح الكبير «تكره قراءته ولو لم يسمعه» (¬٤).
وقال الحطاب: «قال ابن ناجي في قول الرسالة: (لا يقرأ معه فيما يجهر فيه)
---------------
(¬١). مواهب الجليل (١/ ٥٣٦)، وانظر المختصر الفقهي لابن عرفة (١/ ٢٤١).
(¬٢). مختصر خليل (ص: ٣٢)، حاشية الدسوقي (١/ ٢٤٧)، مواهب الجليل (١/ ٥٣٦)، إكمال المعلم (٢/ ٢٧٨)، شرح زروق على متن الرسالة (١/ ٢٨١)، الشامل في فقه الإمام مالك (١/ ١٠٧)، الدر الثمين والمورد المعين (ص: ٣٠٢)، التوضيح لخليل (١/ ٣٣٧)، المجموع (٣/ ٣٦٤).
(¬٣). مختصر خليل (ص: ٣٢).
(¬٤). الشرح الكبير للدردير (١/ ٢٤٧).

الصفحة 14