كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 3)

فليخفف) ولم يحد شيئًا، وإنما اختلفوا في أقل ما يجزئ من القراءة، وفي أَمَّ القرآن: هل يجزئ عنها غيرها من القرآن أم لا، وأجمعوا أن لا صلاة إلا بقراءة ... » (¬١).
ونوقش:
قال ابن القيم: التخفيف أمر نسبي يرجع إلى ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وواظب عليه لا إلى شهوة المأمومين، فإنه لم يكن يأمرهم بأمر ثم يخالفه، وقد علم أن من ورائه الكبير، والضعيف، وذا الحاجة، فالذي فعله هو التخفيف الذي أمر به ... وهديه الذي واظب عليه هو الحاكم على كل ما تنازع فيه المتنازعون، ويدل عليه ما رواه النسائي وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالتخفيف وَيَؤُمُّنَا بالصافات. فالقراءة بالصافات من التخفيف الذي كان يأمر به، والله أعلم» (¬٢).
وقال ابن رجب: «واعلم أن التخفيف أمر نسبي، فقد تكون الصلاة خفيفة بالنسبة إلى ما هو أخف منها، فالتخفيف المأمور به الأئمة هو الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله إذا أَمَّ، فالنقص منه ليس بتخفيف مشروع، والزيادة عليه إن كان مما فعله الخلفاء الراشدون كتطويل القراءة في صلاة الصبح على ما كان يفعله أحيانًا أبو بكر فليس بمكروه، نص عليه الإمام أحمد وغيره» (¬٣).
* ورد هذا النقاش من وجهين:
الوجه الأول:
أن الاعتبار في تطبيق السنن إلى رغبة الناس وإلا كان هذا إلزامًا للناس بما لم يوجبه الشرع عليهم، فالسنن لا إلزام فيها، وإنما يحمل الناس على الفروض والواجبات، وإطالة القراءة ليست واجبة بالإجماع.
الوجه الثاني:
على القول بأن تطبيق السنن لا يرجع فيها إلى رغبة الناس، فقد نص النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه المسألة على المرجع، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اقتد بأضعفهم)، وهو حديث
---------------
(¬١). الاستذكار (١/ ٤٢٧).
(¬٢). زاد المعاد (١/ ٢٠٧).
(¬٣). فتح الباري لابن رجب (٦/ ٢٢١).

الصفحة 150