كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 3)

سيأتي نقل ذلك عنه (¬١).
جاء في التهذيب في اختصار المدونة: «ولا بأس أن يخفف قراءة الصبح في السفر بسبح ونحوها» (¬٢).
وقال ابن رجب: «قال أصحابنا: لا يكره تخفيف القراءة في الصبح وغيرها في السفر دون الحضر» (¬٣).
وبوب أبو داود في السنن: قصر القراءة في السفر.
وإنما خففت القراءة في السفر لمظنة المشقة، فيؤخذ منه أنه متى كان يشق على الناس طول القراءة؛ لسهر، أو عمل، أو قيام ليل، كما في العشر الأواخر من رمضان ونحوها، كان مطلوبًا من الإمام التخفيف قياسًا على التخفيف في السفر بجامع المشقة.
والناس اليوم ليسوا كالناس بالأمس، فهناك عادات اجتماعية تغيرت، ولقد كان الناس حين كنا صغارًا ينامون بعد صلاة العشاء، ولا يسمرون، كحالهم في عهد النبوة، فيقوم الناس إلى الصلاة وقد أخذ البدن راحته، واسترد عافيته ونشاطه، فكان يناسب إطالة القراءة في صلاة أول النهار، وعكسه المغرب لما كانت تقع في آخر النهار وبعد نشاط الناس في أعمالهم وحرثهم ناسب أن تخفف القراءة فيها، والناس اليوم على خلاف السابق، فهم ينامون في ساعة متأخرة، ابتلي بذلك الكبار قبل الصغار خاصة في الصيف، فإذا حرص هؤلاء على صلاة الجماعة في الفجر فينبغي إعانتهم على ذلك، وعلى الإمام أن يراعي هذه الحالة منهم، ويفرق بين ليالي الشتاء الطويلة والتي يمكن للمصلي ولو سهر أن يأخذ قسطًا من الراحة يكفيه قبل قيامه لصلاة الصبح وبين ليالي الصيف القصيرة، فمتى ما كان يشق على الناس طول القراءة كان مطلوبًا من الإمام التخفيف قياسًا على التخفيف في السفر بجامع المشقة.
---------------
(¬١). فتح القدير لابن الهمام (١/ ٣٣٤)، الهداية شرح البداية (١/ ٥٥)، العناية شرح الهداية (١/ ٣٣٤)، البحر الرائق (١/ ٣٥٩)، المدونة (١/ ١٥٧)، الاستذكار (١/ ٤٤١)، شرح التلقين (٢/ ٨٨٢)، التوضيح لخليل (١/ ٣٤٦)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٣/ ٢٠٧)، مغني المحتاج (١/ ٣٦٤)، فتح الباري لابن رجب (٧/ ٥٧).
(¬٢). التهذيب في اختصار المدونة (١/ ٢٢٦).
(¬٣). فتح الباري لابن رجب (٧/ ٤٥).

الصفحة 154