كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 3)

وكون السهر مكروهًا من غير حاجة لا يعني أبدًا ألا يكون علة في تخفيف القراءة في صلاة الصبح، كما أن السفر، ولو كان مكروهًا أو محرمًا علة في الترخص على الصحيح، وقد بحثت هذه المسألة في أحكام الطهارة.
ولينظر هذا الإمام إلى حاله إذا عرض له سهر لأي سبب من الأسباب أيحتاج إلى تخفيف صلاته، أم يطيل صلاته، ولو كان في ذلك مشقة عليه.
وليس علاج السهر هو في إطالة القراءة في صلاة الصبح وإن شق ذلك على الناس، بل يحتاج أن يتوجه الأمر إلى علاج هذه الظاهرة، ثم بعد ذلك تطبق السنة، على أن القراءة من أوساط المفصل من السنة أيضًا، كما مر معنا قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - لسورة التكوير.
الدليل السادس:
(ح-١٥٢٨) ما رواه مسلم من طريق محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عمرو ابن مرة، قال: سمعت سعيد بن المسيب، قال:
حدث عثمان بن أبي العاص، قال: آخر ما عهد إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أممتُ قومًا، فأخف بهم الصلاة (¬١).
وروى أحمد من طريق حماد، عن الجُرَيْرِيِّ، عن أبي العلاء،
عن عثمان بن أبي العاص، قال: قلت يا رسول الله اجعلني إمام قومي، فقال: أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا (¬٢).
[صحيح] (¬٣).
وجه الاستدلال:
أن الإمام مأمور بأن يقتدي بأضعف رجل في جماعته في قدر القيام والقراءة، فلئن كان تطويل القراءة سنة في صلاة الصبح من السنة الفعلية فهو ليس مطلقًا، بل
---------------
(¬١). صحيح مسلم (١٨٧ - ٤٦٨).
(¬٢). ورواه أحمد أيضًا (٤/ ٢١) عن عفان عن حماد بن سلمة وحماد بن زيد، فرقهما، أخبرنا سعيد الجريري، عن أبي العلاء به.
(¬٣). حديث صحيح، رجاله كلهم ثقات، والجريري وإن كان قد تغير بآخرة، إلا أن الحمادين قد رويا عنه قبل تغيره. انظر تخريجه في كتابي المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (٩/ ١٣٠) ح ٥٦٦.

الصفحة 155