كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 3)

الناس حتى لا يشق عليهم، كما كان يدع أول الوقت في صلاة الظهر في الحر مع فضيلته رفقًا بالناس، ولهذا كان يصليها في غير أيام الحر إذا زالت الشمس لإدراك فضيلة أول الوقت.
وقال الحنابلة: إن تقديم الصلاة في الفجر أفضل إلا إذا تأخروا، والتأخير في العشاء أفضل إلا إذا تقدموا (¬١).
وكل ذلك فيه ترك الأفضل من السنن مراعاة لأحوال المأمومين.
(ح-١٥٣١) ومنها ما رواه البخاري ومسلم من طريق يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، قال: حدثنا قتادة،
أن أنس بن مالك، حدثه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إني لأدخل في الصلاة، وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه (¬٢).
فهذا المثال من أبلغ ما يكون في ترك السنن من أجل مراعاة أحوال المأموم، حتى ولو كان هذا المأموم ممن لا تجب عليه الجماعة، ولم يَدْعُ النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الأم إلى ترك رضيعها في البيت، أو تصلي في بيتها أفضل لها، بل ترك إطالة القراءة مراعاة لها مع أن حضورها مفضول، ولم ينظر لمصلحة الجماعة على حساب هذه المرأة، فدل على أن مراعاة المأموم مقدم على مراعاة سنة القراءة، والله أعلم.
* دليل من قال: استحباب تخفيف قراءة الصبح وغيرها في السفر:
الدليل الأول:
حكى ابن عبد البر الإجماع على تقصير القراءة في السفر (¬٣).
وقال إبراهيم النخعي: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤون في السفر بالسور القصار (¬٤).
الدليل الثاني:
(ح-١٥٣٢) ما رواه أحمد، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية يعني
---------------
(¬١). شرح الزركشي على مختصر الخرقي (١/ ٤٩٣).
(¬٢). صحيح البخاري (٧٠٩)،.
(¬٣). الاستذكار (١/ ٤٤١)، فتح الباري لابن رجب (٧/ ٤٥).
(¬٤). فتح الباري لابن رجب (٧/ ٤٥)، وإبراهيم لم يسمع من الصحابة رضوان الله عليهم.

الصفحة 157