كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 3)

تَنزِيلُ} السجدة، و {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ}، [الإنسان: ١]، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة، والمنافقين (¬١).
* دليل من قال: تستحب المداومة عليهما:
الدليل الأول:
حديث أبي هريرة المتفق عليه، وحديث ابن عباس في مسلم، فقد ورد الحديث بلفظ: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ ... ) فإنَّ (كانَ) تفيد المداومة على ذلك.
قال الحافظ: «وفيه دليل على استحباب قراءة هاتين السورتين في هذه الصلاة من هذا اليوم، لما تشعر الصيغة به من مواظبته - صلى الله عليه وسلم - في ذلك أو إكثاره منه» (¬٢).
* ونوقش:
قال ابن دقيق العيد: «ليس في هذا الحديث ما يقتضي فعل ذلك دائمًا اقتضاءً قويًّا» (¬٣).
قال ابن حجر: «وهو كما قال بالنسبة لحديث الباب فإن الصيغة ليست نصًّا في المداومة» (¬٤).
وكون الحديث ليس نصًّا، فهل نفي دلالة النص منه تمنع عنه دلالة الظاهر المستفاد من الفعل (كان)، فإن هذه الصيغة ظاهرها تدل على الدوام والاستمرار، قال تعالى: {وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}. أي كان، ولا يزال.
ودلالة الظاهر حجة، وإن لم يكن بقوة دلالة النص، ما لم يعارض الظاهر معارض يضعف دلالته، ولا معارض له هنا، والله أعلم.
الدليل الثاني:
(ح-١٥٣٩) ما رواه الطبراني في المعجم الصغير من طريق دحيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ثور بن يزيد، عن عمرو بن قيس الملائي، عن أبي إسحاق الهمداني، عن أبي الأحوص،
---------------
(¬١). صحيح مسلم (٦٤ - ٨٧٩).
(¬٢). فتح الباري (٢/ ٣٧٨).
(¬٣). إحكام الأحكام (١/ ٣٣٩).
(¬٤). فتح الباري (٢/ ٣٧٨).

الصفحة 174