كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 3)

في بعض الأوقات؛ دفعًا لهذه المفسدة .... وعلى كل حال فهو مستحب، فقد يترك المستحب لدفع المفسدة المتوقعة، وهذا المقصود يحصل بالترك في بعض الأوقات، لا سيما إذا كان بحضرة الجهال، ومن يخاف منه وقوع هذا الاعتقاد الفاسد» (¬١).
وأما قول الحنفية بأن الفرض مطلق القراءة فهو قول مرجوح ناقشت ذلك عند الكلام على وجوب قراءة الفاتحة، فارجع إليه إن شئت.
التعليل الثاني:
أن المداومة على قراءتهما قد يعتقد بعض الجهلة بأن صلاة الفجر يوم الجمعة فيها زيادة سجدة، أو أنها ثلاث ركعات، ونحو ذلك مما قد يتخيله بعض الجهلة (¬٢).
* ورد هذا:
قال ابن رجب: «اعتقاد فرضية ذلك بعيد جدًّا، فلا يترك لأجله السنة الصحيحة، واتباع عمل الصحابة، وكان كثير من السلف يرى أن السجدة مقصودة قراءتها في فجر يوم الجمعة» (¬٣).
* تعليل كراهة قراءة سورتي السجدة والإنسان:
اختلف المالكية في تعليل الكراهة:
فقيل: لكونها تشتمل على زيادة سجود في الفريضة، فإن لم يسجد دخل في وعيد: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُون} [الإنشقاق: ٢١]. وإن سجد زاد في سجود الفريضة.
واعترض عليهم:
قال القرطبي: وهو تعليل فاسد بشهادة هذا الحديث. اهـ
وبأن تلك العلة موجودة في صلاة النافلة، ولا يكره تعمد السجود فيها.
لا يراد بالآية سجود التلاوة، بل المقصود أنهم لا يخضعون لله ولا يستكينون له، وسجود التلاوة ليس بواجب على الصحيح، لا داخل الصلاة، ولا خارجها، وهي مسألة أخرى لا أحب الخوض فيها خشية الخروج عن مسألة البحث، وسوف
---------------
(¬١). إحكام الأحكام (١/ ٣٣٩).
(¬٢). فتح الباري (٨/ ١٣٣).
(¬٣). المرجع السابق.

الصفحة 179