كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 3)

تأتي هذه المسألة في مظانها إن شاء الله تعالى.
* جواب المالكية على هذا الاعتراض:
ذكر المالكية جوابًا لا أظنه شافيًا، قالوا: إن السجود لما كان نافلة، والصلاة نافلة صار كأنه ليس زائدًا، بخلاف الفرض.
وإنما كان الجواب في نظري غير شافٍ؛ لأنهم قالوا: إذا تعمد قراءة سجدة في الفريضة فإنه يسجد، فلو كان السجود زيادة في الفريضة لمنعوه من السجود، فإن سجد بطلت صلاته، فإذا كانوا يأمرونه بالسجود إذا تعمد قراءتها لم تكن زيادة في صلاته، والله أعلم.
التعليل الثاني:
قالوا: لأنه ربما يؤدي السجود في الصلاة إلى التخليط على المأمومين في فريضتهم،
وهذا التعليل يقتضي أن الجماعة المحصورة إذا كان لا يؤدي إلى التخليط فلا كراهة في تعمد قراءة سورة فيها سجدة، وقد التزم ذلك بعض المالكية، وروي عن الإمام مالك رحمه الله.
وخوف التخليط قد يُسَلَّم لو كان ذلك يقع في صلاة سرية، أما صلاة الصبح فإنها جهرية، ولو تصور وجود من يجهل سبب السجود فإن ذلك قد يقع في أول مرة يفعل الإمام ذلك، فإذا فعله تعلم الجاهل، وانتشرت السنة، ولا تترك السنة لجهل بعض الناس بها، ويمكن رفع الجهل بأن يقوم الإمام بدوره في توعية الناس بالسنن من خلال ما يلقيه على جماعته من دروس ومواعظ، والله أعلم.
التعليل الثالث:
بأن أهل المدينة قد تركوا السجود فكان تركهم دليلًا على النسخ، وأن عمل أهل المدينة مقدم على حديث الآحاد (¬١).
قال الحافظ في الفتح: «أشار أبو الوليد الباجي في رجال البخاري إلى الطعن في سعد بن إبراهيم لروايته لهذا الحديث، وأن مالكًا امتنع من الرواية عنه لأجله، وأن الناس تركوا العمل به لا سيما أهل المدينة» (¬٢).
---------------
(¬١). انظر: حاشية الدسوقي (١/ ٣١٠).
(¬٢). فتح الباري (٢/ ٣٧٨).

الصفحة 180