كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 3)

سنة القراءة بأكثر من سورة.
* ويجاب عن هذا:
لا نسلم بأنه مستحب في النفل، بل وقوعه فيه دليل الجواز؛ لا دليل الاستحباب؛ لأن المقصود هو طول القراءة في صلاة النفل؛ لِطُولِ القيام، سواء أحصل ذلك بسورة طويلة، أم حصل ذلك بأكثر من سورة، فليس ظاهرًا أنه كان يتقصد تعدد السور لذاتها، فلو كان تعدد السور مقصودًا لذاته لجاء في النصوص ما يدل عليه من الأمر به، والتنبيه على فضله بخصوصه، أو المواظبة عليه، فالفقهاء اتفقوا على استحباب تقصد سورة كاملة؛ لكونه غالب فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاته، ولم يتكلموا على استحباب تقصد السورتين لذاتهما.
الدليل الثالث:
(ح-١٥٠٠) ما رواه مسلم من طريق ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير،
عن جابر رضي الله عنه، قال: قال الرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أفضل الصلاة طول القنوت (¬١).
ورواه مسلم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان عن جابر (¬٢).
(ث-١٧٣) وروى ابن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع،
عن ابن عمر أنه كان لا يقنت في الفجر، ولا في الوتر، فكان إذا سئل عن القنوت، قال: ما نعلم القنوت إلا طول القيام وقراءة القرآن (¬٣).
[صحيح].
وقال جماعة من المفسرين: أصل القنوت القيام، ومنه القنوت في الوتر؛ لأنه دعاء المصلي قائمًا (¬٤).
---------------
(¬١). صحيح مسلم (١٦٤ - ٧٥٦).
(¬٢). صحيح مسلم (١٦٥ - ٧٥٦).
(¬٣). مصنف ابن أبي شيبة (٦٩٤٥).
(¬٤). تفسير الثعلبي (١/ ٢٦٤)، الهداية إلى بلوغ الغاية لأبي محمد مكي بن أبي طالب القرطبي (٢/ ١٠١١)، تفسير البغوي (١/ ١٤١)، تفسير السمعاني (١/ ١٣٠)، تفسير القرطبي (٢/ ٨٦) و (٣/ ٢١٤)، البحر المحيط في التفسير (١/ ٥٦٩)، المنتقى للباجي (١/ ٢٨١)، شرح النووي على مسلم (٤/ ٢٠٠).
ويطلق على الطاعة والانقياد، كما في قوله تعالى: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ} [آل عمران: ٤٣].
ومنه قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ} [النحل: ١٢٠].

ويطلق القنوت على السكوت، كقول زيد بن أرقم: كنا نتكلم في الصلاة حتى نزل قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨]، فأمسكنا عن الكلام والدعاء.

الصفحة 89