كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 4)
عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله، وأشار بيده إلى الجانبين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: علام تومئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟ إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه، ثم يسلم على أخيه من على يمينه، وشماله (¬١).
الدليل الثاني:
(ح-٢٠١٦) ما رواه البخاري من طريق إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن هند بنت الحارث،
عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه، ويمكث هو في مقامه يسيرًا قبل أن يقوم.
وجه الاستدلال:
قوله: (حين يقضي تسليمه) قال ابن رجب، فإن هذا الكلام مشعر بأنه كان يسلم تسليمتين، فإذا قضاهما قام النساء، فإنه لا يقال: (قضى) بمعنى الفراغ منه إلا فيما له أجزاء متعددة تنقضي شيئًا فشيئًا، كما قال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللّهَ} [النساء: ١٠٣]، وقال: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} [الجمعة: ١٠].
وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الشيطان، وهربه من الأذان والتثويب به: (فإذا قضي الأذان -وإذا قضي التثويب- أقبل).
ولا يكاد يقال لمن سَلَّم على قوم مرَّة: قضى سلامه، بمعنى: فرغ، ولا لمن كبر للإحرام قضى تكبيره، ولا لمن عطس فحمد الله: قضى حمده» (¬٢).
وقد يقال: هذا فعل، وهو يدل على مشروعية التسليمة الثانية، ولا يدل على وجوبها فضلًا عن ركنيتها.
الدليل الثالث:
(ح-٢٠١٧) ما رواه مسلم من طريق عبد الله بن جعفر، عن إسماعيل بن محمد، عن عامر بن سعد،
---------------
(¬١). صحيح مسلم (١٢٠ - ٤٣١).
(¬٢). فتح الباري لابن رجب (٧/ ٣٦٢، ٣٦٣).