كتاب الجزائر الثائرة

المدين بالفضل، المفتون بالعبقرية، فيفرغوا في سمع الزمان الواعي آيات الإعجاب والتقدير، وأناشيد الحب والوفاء، وذلك قليل فيمن فهم الحياة نكرانا للذات، وجهادا في سبيل الحق حتى النهاية.
تفاقم تهيبي حينما أمسكت بالقلم لكتابة هذه المقدمة لأني أعلم أن إقبالا كبيرا سيقع على الكتاب يوم يصدر في هذه الطبعة الجديدة لأهميته ولمكانه مؤلفه المرموقة في مختلف الأوساط العلمية والأدبية والياسية في الجزائر وفي العالم العربي الإسلامي، ولأني أعلم أيضا أن معظم الذين سيقرأون هذا الكتاب يجهلون تاريخ هذا الرجل ولا يعرفون أكثر من أنه عالم جزائري ثائر ويودون لو أنهم يقفون على حياته مفصلة أو مجملة على الأقل، من هنا فهم لا محالة سيتعرفون عليه قبل أن يقرأوا كتابه - من خلال هذه المقدمة ومن هنا وجب أن تكون وافية بالمطلوب، وأن تتسم بثقة المطلع، ونزاهة المؤرخ، وخبرة الباحث.
ولا ننسى بجانب هذا مسؤولية القلم الكبيرة التي لا يقدرها في هذا العصر إلا القليل ممن يمارسون الكتابة، فصناعة القلم أكثر المهن العلمية حاجة إلى التفكير والتدبير والنظر في العواقب والآثار لاختلاف المشارب والأذواق، والأخلاق - والكاتب عندما يجر قلمه على القرطاس يجب أن يعلم ماذا يرضى قراء أو يفيدهم ويطابق حاجاتهم ويوافق أذواقهم ولهذا السبب عطل بعض أهل العلم والأدب أقلامهم مع قدرتهم على الكتابة.
وقبل هذا أو ذاك فهناك قلم التسجيل الذي يراقب بدقة كل ما يقال أو يكتب، وبخاصة عمن تواروا عنا ليقول فيهم التاريخ كلمته، وما أصعب أن يجدوا المنصف البريء الذي يكتب كلمته ونصب عينيه قول الشاعر:
وما من كتاب سيبلى ... ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب لنفسك غير شيء ... يسرك في القيامة أن تراه

الصفحة 12