كتاب الجزائر الثائرة

وتعظم مسؤولية القلم - هذه - وتتضخم عندما تكون الكتابة عن (علامة التمييز) بين الرجال "الأحياء" الذين هم في هذا الوجود كالزهور في الغابة لقلتهم، والنجوم المتلألئة في السماء لعلو مكانتهم، كلهم أدركوا سر وجودهم في هذه الحياة وكلهم جاهدوا من أجل هذا السر حتى غادروا هذه الحياة تاركين فيها بصمات تدل عليهم وتنطق بأثارهم على الدوام، ولكن لكل واحد منهم (علامة التمييز) التي تميزه عن غيره وتعطيه معالمه وتضعه في وضعه الصحيح.
وعندما أكتب هذه المقدمة لكتاب واحد أدلاء الطريق الذي صنعهم الله للناس ليستقيموا على هديهم، إنما أحاول أن أضع هذه (العلامة المميزة) على قدر الطاقة وبحسب الظروف النفسية الي يعيشها الخليج العربي، - هذه الأيام - فإن وفقت في ذلك فلي أجران وإن تجافني التوفيق - ولست أول من تجافاه - فلي أجر من اجتهد وأخطأ.
لعل أول ما يلاحظ في حياة الأستاذ الفضيل الورتلاني أنه ولد في (بني ورتلان) بالقبائل الصغرى على جبل شامخ من جبال هذه المنطقة الجميلة التي توافرت في موقعها وطبيعتها ومظاهر الحسن والروعة والجلال.
وإذا كانت البيئة تؤثر في تكوين الأجسام، وصبغ الألوان، وتوفير الصحة، وغرس الطباع وهو المقرر المشاهد فإنها تؤثر أيضا في العقيدة إيجابا وسلبا، ومعنى هذا بإيجاز أن أهل البيئة البدوية أقرب إلى الإيمان من أهل البيئة الحضرية، فسكان البادية لا تتفتح أعينهم صباح مساء إلا على الآيات الكونية الناطقة بالقدرة الإلهية، الموحية للعقل، المفجرة للشعور والإحساس. من جبال شامخة، وأنهار جارية، وينابيع متدفقة، وشمس ساطعة، وقمر منير ..
كل هذا يبعث على التأمل والتفكر وينزع بالقلب إلى الإيمان بالله تعالى.

الصفحة 13