كتاب الجزائر الثائرة

أما أهل العواصم والمدن فهم بمعزل - تقريبا - عن هذه الآيات، ومن هنا فهم في غفلة من التفكير فيها، والاستدلال بها، وكل ما يحيط بهم صنعه الإنسان بيديه فلا يستشعرون في رؤيته عظمة الخالق سبحانه وتعالى كما يستشعرها أهل البادية ليل نهار!!
وقد يقول قائل، أليست شمس البوادي والقرى هي شمس العواصم والمدن؟ والليل هو الليل، والقمر هو القمر؟ أجل إن الأمر كذلك ولكن شتان بين اجتلاء هذه الأشياء وهي غارقة في ضوضاء العواصم، وجلبتها وصخبها ومبانيها الشامخة، وشوارعها المزدحمة واجتلائها في مطالعها ومجاليها واضحة سافرة لا يخفيها شيء ولا يحجبها حاجب!!.
في هذه البيئه الجبليه، وهذه المنطقة الطبيعية الجميلة الناطقة بعظمة الكون وعجائبه ولد العلامة الفضيل الورتلاني يوم 06 فبراير 1900 في أسرة دينينة متواضعة قطبها العلامة الشيخ الحسين الورتلاني صاحب الرحلة المعروفة باسمه، وصاحب مصنفات أخرى مفيدة. وترعرع الأستاذ الفضيل في هذه الأسرة وحفظ القرآن الكريم مبكرا وتلقى في مسقط رأسه دراسته الأولى على علماء اشتهروا بالفقه وعلوم القرآن وانقطعوا لخدمة الإسلام والمسلمين في هذه الجبال رغم قساوتها الطبيعية، فغرسوا فيه الأخلاق الكريمة والصفات النبيلة، وعلموه أن حياة المسلم يجب أن تكون جهادا متواصلا، وأن العالم المسلم يجب أن يكون كالكوكب السيار يرسل ضياءه لينير سبل الحياة، وكالعافية للأبدان.
ونكتفي بذكر واحد منهم هو العلامة السلفي الشيخ السعيد البهلولي مؤلف كتاب (الرد على القائلين بوجوب تلقين الأوراد) الذي لقي استحبابا ونال رضى في أوساط الطلبة وعلماء الإصلاح.

الصفحة 14