كتاب الجزائر الثائرة

وهكذا كانت الأرضية التي انطلقت منها حياة الأستاذ الفضيل والعوامل البارزة المميزة التي رسمت نهجه وحددت اتجاهه، وجعلته الغصن الذي يطول، والزهور والثمار التي تعد!!
وفي سنة 1935 عقد العزم على الالتحاق بقسنطينة، وكانت آنذاك مهوى القلوب، ومطمح النفوس، ومعقد الأمال، فالمحظوظ من الطلبة من ساعدته الظروف على الانتظام في الثكنة المحمدية لجند الله، التي قائدها المصلح الثائر عبد الحميد بن باديس، وأسلحتها العلم والتربية، وغايتها صنع الانسان الذي يؤمن بالله ويثبت لرجف الزلزال ... ويقدر على الحياة الكريمة في ظلمات الخطوب ويكون المنار الذي يرتفع في طريق الدعوة المحمدية في أرض الجزائر.
وندع رفيقه الراحل الأستاذ بعزيز بن عمر في كلمة يتحدث فيها عن هذه الفترة وعن لقائه به ويقول:
"عرفت الأخ الورتلاني أيام الطلب بقسنطينة، وهو شاب يتقد ذكاء، ويفيض نبلا وإحساسا، يبسم للحياة فلا نراه إلا متفائلا بالمستقبل، ويتطلع نحو الآفاق البعيدة، فتبدو أمامه العقبات الكبيرة، ولكنه ليس الذي يرهب العقبات فيجبن عن اقتحامها بل أن له من عزمه ما يذهب كل عقبة، ومن نفسه الوثابة وما يتغلب به على كل ما تقيمه الحياة المتجهمة في طريق العاملين الخلصين" (¬1).
والغالب على الظن أنه انتظم في سلك الطبقة الثانية عند التحاقه بدروس الإمام وهذا ما ذكره الأستاذ الراحل الشيخ على مرحوم وهو يتحدث عن نشاطه وبعض خصائصه الذاتية.
¬__________
(¬1) - البصائر، العدد 8 س 1 السلسلة 2 سبتمبر 26 سنة 1947.

الصفحة 15