كتاب الجزائر الثائرة

جمعية العلماء العامة والخاصة فاكتسب منها الصراحة في الرأي، والجرأة في النقد، والاحترام للمبادئ لا للأشخاص، ثم لابس السياسيين وغشي مجتمعاتهم، فرأى من زيغ العقيدة، وزيف الوطنية، وانحلال الأخلاق ما جعله يثور عليهم" (¬1).
وكان الأستاذ الفضيل - وهو ما يزال يسير على ضوء دروس الإمام - ثورة على البدع والخرافات، ودعوة إلى الإسلام الصحيح، وإحياء اللغة العربية لغة الدين والوطن وحملة شعواء على الطريقة الضالة، والشعوذة المخربة، وإنصاف الرجال الذين باعوا أنفسهم وضمائرهم وألسنتهم لفرنسا، ووقفوا أجسامهم وعقولهم على خدمتها، فكانوا لها عيونا وأعوانا، وجنودا وعبيدا ..
هكذا كان ثورة ودعوة وحملة فى كل مكان، في أوساط الطلبة والمجالس الخاصة والعامة بالجزائر وقسنطينة، في الشارع، وفي المقهى، وفي المطعم وفي كل مكان يحتضنه .. وكان يردد كلمة أستاذه كلما شعر بخطورة الموقف، أو تأزم الوضع، أو ظلام الليالي الحوالك يضرب على الأفق فيخفي صوى الطريق ومعالم الحياة: "من رام أن يحول بيننا وبين فكرتنا التي نؤمن بها فقد حاول عبثا قلب الحقائق فلن نتزحزح قيد شعرة مهما طمي سيل الكوارث على أمة لها ما للشعب الجزائري من الصفات المرغوب فيها، الكامنة كمون النور في الكهرباء (¬2).
واستهوى الأستاذ الفضيل الإمام المصلح بما امتاز به على أقرانه، من فصاحة اللسان وسعة الإدراك وقوة الحجة، وتوقد الفطنة، إلى شجاعة وجرأة ونشاط - فاختاره لتمثيل "شهاب" عبر الوطن، وكان ينتقل باسمها في أنحاء القطر الجزائري، يوضح خطتها ويكثر أنصارها، ويدعو إلى الإصلاح ومحاربة الضلال
¬__________
(¬1) - الجزائر الثائرة.
(¬2) - تراجم الأعلام المعاصرين، للأستاذ أنور الجندي ص: 198.

الصفحة 17