كتاب الجزائر الثائرة

والانحراف، وقد وجد ضالته المنشودة في هذه المهمة فقام بها خير قيام مما جعل اسمه يتردد على ألسنة الناس بالإعجاب والتقدير.
كما اختاره الأستاذ الإمام مساعدا له في التدريس لبعض المناهج المقررة من بداية السنة الدراسية 33/ 1934 فنهض بالمهمة أيضا خير نهوض وكان أبرز ما يميز دروسه أنه لا يكتفي بدرس المادة المقررة، بل يتناول ما شاء من الأدب والتاريخ والسياسة، وغيرها، يؤاتيه في كل ذلك لسان فصيح، وقريحة وقادة، وعبقرية في التفكير (¬1).
وكذا كان شأنه في مدرسة التربية والتعليم عندما أنيطت به هاذه المهمة هناك فكان منبعا فياضا وشعلة هادية، ومربيا ماهرا.
وعلم الطلبة في ندوات خطابية كان يشرف على تنظيمها حرمة البيان العربي وكيف يقتصدون في الكلام قولا وكتابة فإن خير الكلام ما قل ودل، وكيف يرتادون طريق الكلمة قبل تسجيلها بالصوت أو المداد، لأن للسان والقلم مسؤوليتهما ولا بد من رعايتها، ومراعاة مسؤولية اللسان والقلم هي الفرق بين صناع الكلمة وهي الضمان لإجادة التعبير.
وكانت العلاقة بينه وبين الطلبة تقوم على الصحبة والمودة والتقدير وكان كل طالب منهم يشعر بأن الأستاذ الفضيل والد له يكن له الخير ويريد له النفع، ويعمل لتكوينه فكريا وروحيا ووطنيا، ومن ثم فقد كان الطلبة لا يشعرون معه بسيطرة أو سطوة أو رهبة، وإنما يشعرون معه بما يشعر به الأبناء مع والديهم مما جعل الفترة التي قضوها معه خصيبة غنية المردود فيذكرونها بالرضا والتقدير.
¬__________
(¬1) - مقال بمجلة الثقافة للشيخ علي مرحوم العدد 34 أغسطس - سبتمبر 1976.

الصفحة 18