كتاب الجزائر الثائرة

وزار الأستاذ الفضيل الورتلاني كثير من الأقطار العربية والإسلامية كالكويت وإيران، والمملكة السعودية، والبحرين، والباكستان، كما زار بلدان مختلفة في أوروبا كاليونان، وإيطاليا، وسويسرا، وإسبانيا، والبرتغال، وكان له في كل بلد يزوره أو يقيم به نشاط مكثف واسع. وصلات بمختلف الجمعيات والهيئات، ورجال العلم والفكر والقلم والدعوة ..
وكان الأستاذ الفضيل يحمل بين جوانبه في كل سفر سافره وفي كل بلد يحل به، وفي كل عمل يقوم به، ثورة ملتهبة لا تدعه يهدأ أو يغفل أو ينام قرير العين، فهو على الدوام يعيش بين لجج الظلمات يحاول أن يبدلها ويكتسحها ويبعث فيها نور هادئ فيه الأمن، وفيه الهداية، وفيه الطمأنينة، إنها ثورة ضد أوضاع المسلمين عامة في الشرق والغرب، تلك الأوضاع الرهيبة الفاجعة التي صنعها الاستعمار وعملاؤه وأذنابه، الذين استحلوا حياة الذل والاستخذاء تحت سيطرة المحتلين والحكماء والمستبدين ..
ولم تكن هذه الثورة التي تتأجج في حنايا ضلوعه - وهو بالجزائر أو بمصر، أو هو متنقل بين مختلف البلدان الشرقية أو الغربية - قد أوقدتها رغبة في منصب أو وظيف أو ألهبتها نزعة إلى سمعة أو شهرة، بحيث إذا تحققت الرغبة أو حصل المأمول.
بدأت الثورة وانطفأت، بل هي ثورة مقدسة قدستها كلمة الله، ودعوة محمد بن عبد الله، وأضرمها حب الوطن وحب الإسلام والمسلمين، ووجه أقباسها وشعلها وشظاياها ابن باديس.
هذه الثورة التي ظلت تتأجج في أعماق الأستاذ الفضيل طوال عمره وكان من أجلها شعلة تبرم النار وتنير الطريق، وهي التي قال فيها الأستاذ الداعية سعيد رمضان:

الصفحة 28