كتاب الجزائر الثائرة

ألم يكن لبريطانيا مؤسسات ومصالح في الهند وباكستان والسودان؟ أليس لفرنسا نفسها مؤسسات وأملاك ومصالح ورعايا، في مراكش وتونس، شقيقتي الجزائر وجارتيها اللطيفتين؟
لقد خطب بالأمس رئيس وزراء فرنسا، فوجه نداءه إلى المجاهدين الجزائريين، طالبا إليهم أن يكفوا عن القتال، متعهدا بأن يجري انتخابات حرة، بعد ثلاثة أشهر من وقف الحرب، واستتباب الأمن، وأن يعقب ذلك مفاوضات مع الزعماء المنتخبين لحل المشكلة.
نظن أن هذا النداء، قد كان يمكن أن يكتب له الاستجابة والقبول، لو أن صاحبه، وهو المسؤول الأول، بين ووضح الأسس التي ستجرى عليها المفاوضات.
أي أنه كان يجب على الرئيس الفرنسي - وأهداف الجزائريين ومطالبهم معلومة - أن يعلن في ندائه، أن حكومته قد قبلت مبدأ الاستقلال وأنها تعترف بالجرائر كيانا دوليا مستقلا، على مثال الكيان المراكشي أو التونسي، وأن السلطات الحاكمة، ستشرف على انتخاب شعبي تنبثق عنه هيئة المفاوضة الشرعية، التي تتولى الكلام باسم شعب الجزائر، كما تولاه السلطان باسم مراكش، والباي باسم تونس.
لقد سكت الرئيس الفرنسي عن الجوهري في حل المعضلة، واكتفى بأن طمأن المجاهدين، بأن حكومته مستعدة لمنحهم ضمانات تؤمن سلامتهم. وقد فاته أن سلامتهم هي آخر ما يهتمون له ... وأن لهؤلاء المجاهدين كتابا نزل فيه {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} التوبة: 111. وأنهم به يؤمنون وعلى عهده يموتون.
في تاريخ 24 أفريل سنة 1956.
جريدة التلغراف تقول:

الصفحة 440