كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

لقارئه، مشوِّقٌ للناظر فيه، لا يَسأمُه الجليسُ، ولا يَملُّه الأنيس، مُشتَمِلٌ من بدائع الفوائد، وفرائد القلائد، على ما لعلَّ المجتهد في الطلب لا يظْفَرُ به فيما سواهُ من الكتب، مع تضمُّنه لجملة كثيرةٍ من الأحاديث المرفوعات، والآثار الموقوفات، والأسرارُ المودعة في كثيرٍ من الآيات، والنكت البديعات، وإيضاح كثيرٍ من المشكلاتِ، والتنبيه على أصول من الأسماء والصفات.
إذا نظر فيه النَّاظر زاده إيمانًا، وجلى عليه الجنَّة حتى كأنَّه يشاهدها عيانًا، فهو مثيرُ ساكن العزمات إلى روضات الجنَّات، وباعث الهمم العليات إلى العيش الهنيِّ في تلك الغرفات.
وسميته "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح" فإنَّه اسمٌ يطابق مسمَّاهُ، ولفظٌ يوافق معناه، واللَّه يعلمُ ما قصدتُ، وما بجمعه وتأليفهِ أردتُ، فهو عند لسان كل عبدٍ وقلبه، وهو المطلِعُ على نيته وكسبهِ، وكان جُلُّ المقصود منه بشارة أهلِ السنَّةِ بما أعدَّ اللَّهُ لهم في الجنَّة؛ فإنَّهم المستحقون للبُشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ونِعَمُ اللَّهِ عليهم باطنة وظاهرة، وهم أولياء الرسول وحزبه، ومن خرَجَ عن سُنَّته فهم أعداؤهُ وحربه، لا تأخذهم في نصرة سنته ملامة اللوَّام، ولا يتركون ما صحَّ عنه لقول أحدٍ من الأنام، والسُّنَّةُ أجلُّ في صدروهم من أنْ يُقَدِّموا عليها رأيًا فقهيًّا، أو بحثًا جدليًّا، أو خيالًا صوفيًّا، أو تناقضًا كلاميًّا، أو قياسًا فلسفيًّا، أو حكمًا سياسيًّا، فمن قدَّم عليها شيئًا من ذلك، فبابُ الصوابِ عليه مسدودٌ، وهو عن طريق الرشاد مصدود.
فيا أيُّها النَّاظرُ فيه لك غُنْمه، وعلى مؤلفه غُرْمُهُ، ولك صَفْوُهُ،

الصفحة 16