كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فيخرجون من الأصواء (¬١) ، ومن مصارعهم، فتنظرون إليه وينظر إليكم (¬٢) ، قال: قلتُ: يا رسول اللَّه، فكيف ونحن ملء الأرض، وهو شخص واحد ينظر إلينا وننظرُ إليه، قال: أُنْبِئُك بمثل ذلك في آلاءِ اللَّه عزَّ وجلَّ: الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم ساعةً واحدةً، لا تضارون في رؤيتهما، ولعمرُ إلهك، لهو أقدرُ على أنْ يراكم وترونه منهما (¬٣) ، قلتُ: يا رسول اللَّهِ، فما يفعل ربنا عزَّ وجلَّ، إذا لقيناه؟ قال: تعرضون عليه باديةً له صَفَحاتكم لا يخفى عليه منكم خافية، فيأخذ ربك عزَّ وجلَّ بيده غُرْفَةً من الماءِ فينضح قِبَلكم (¬٤) بها، فلعمرُ إلهك ما تخطئ وجه أحدكم منها قطرة، فأمَّا المسلم فتدع وجهه مثل الرَّيطة (¬٥) البيضاء، وأمَّا الكافرُ فتخطمه بمثل الحُمم الأسود، ألا ثُمَّ ينصرف نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويفترقُ على أثرهِ الصَّالحون، فيسلكون جسْرًا من النَّارِ، فيطأ أحدكم الجمرة فيقول: حَسِّ (¬٦) ، فيقول ربك: أَوَانُهُ، فتطَّلِعُون على حوضِ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- على ظمإ -واللَّه- ناهلة قط رأيتها، فلعمرُ إلهك ما يبسط واحد منكم يدهُ إلَّا وقعَ عليها قدح مطهرة من
---------------
(¬١) الأصواء: القبور. من حاشية (د).
(¬٢) في "أ": "إليهم".
(¬٣) كتب ناسخ "أ" عليها "كذا"، وفي المسند "من أنْ ترونهما ويريانكم، لا تضارون في رؤيتهما".
(¬٤) في بعض نسخ المسند "فيبلُّكم".
(¬٥) الرَّيطة: كل ملاءة ليست بِلِفْقَين، وقيل: كل ثوب رقيق ليِّن.
النِّهاية (٢/ ٢٨٩).
(¬٦) كلمة تُقال عند الألم المفاجئ. الوسيط ص (١٩٤).

الصفحة 533