كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ينامون، ويلهمون التسبيح ولا يهرمون على تطاول الأحقاب، ولا تنمو أبدانهم، بل القدر الَّذي جعلوا عليه لازمٌ لهم أبدًا، واللَّه تعالى أعلمُ.
فهذا ما في هذه المسألة.
فأمَّا قولُ بعضهم: إنَّ القُدْرة صالحة، والكلَّ ممكن. وقول آخرين (¬١) : إنَّ الجنَّة دار المكلفين التي يستحقونها بالعملِ. وأمثال هذه المباحث فرخيصة، وهي في كتب النَّاسِ، وباللهِ التوفيقِ.
وقال الحاكمُ: "قال الأستاذُ أبو سهل: أهل الزيغ ينكرون هذا الحديث -يعني: حديث الولادة في الجنَّة - وقد رُوِيَ فيه غير إسناد، وسُئِلَ النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك فقال: يكون ذلك على نحوٍ ممَّا روينا، واللَّه سبحانه وتعالى يقول: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} [الزخرف: ٧١]، وليس بالمستحيل أنْ يشتهي المؤمنُ - الممكن من شهواته، المصفَّى المقرَّب المسلَّط على لذَّاته - قُرَّة عين، وثمرة فؤاد من الَّذين أنعم اللَّهُ عليهم بأزواجٍ مطهرة.
فإنْ قيل: ففي الحديث أنَّهنَّ لا يحضن ولا يَنْفَسْنَ فأنَّى يكون الولد؟
قلتُ: الحيضُ سببُ الولادة المُمْتدّ أمَدُهُ بالحملِ على الكره والوضع عليه، كما أنَّ جميع ملاذَّ الدنيا من المشارب والمطاعم والملابس على ما عُرِفَ من التعب والنصبِ، وما يَعْقبهُ كلُّ منها (¬٢) ،
---------------
(¬١) في "ب، ج": "الآخرين".
(¬٢) في "ب، ج، د، هـ": "منهما".

الصفحة 540