كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

الباب التاسع والخمسون: في زيارة أهل الجنَّة بعضهم بعضًا، وتذاكرهم ما كان بينهم في الدنيا
قال تعالى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٥٠) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٥٥) قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧)} [الصافات: ٥٠ - ٥٧].
أخبر سبحانه وتعالى أنَّ أهل الجنَّة أقبل بعضهم على بعض يتحدثون، ويسأل بعضهم بعضًا عن أحوال كانت في الدنيا، فأفضت بهم المحادثة والمذاكرة إلى أنْ قال قائلٌ منهم: كان لي قرينٌ في الدنيا ينكر البعث والدَّار الآخرة، ويقول ما حكاهُ اللَّهُ عنه، يقول: {أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢)} بأنَّا نُبعث ونُجازى بأعمالنا، ونُحاسبُ بها بعد أنْ مَزَّقَنَا البِلَى، وكُنَّا تُرابًا وعظامًا، ثمَّ يقول المؤمنُ لإخوانه في الجنَّة: هل أنتم مطلعون في النَّارِ لننظر منزلة قريني هذا وما صار إليه.
هذا أظهرُ الأقوالِ، وفيها قولان آخران:
أحدهما: أنَّ الملائكة تقول لهؤلاء المتذاكرين الَّذين يحدث بعضهم بعضًا: {قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤)} [الصافات: ٥٤].
رواهُ عطاء عن ابن عباس (¬١).
---------------
(¬١) لم أقف عليه. وذكر هذا القول القرطبي في الجامع (١٥/ ٨٢)، وابن الجوزي =

الصفحة 562