كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وجعل الذلَّة والصغار على من خالفَ أمره.
فدعا إلى اللَّهِ وإلى جنته سرًّا وجهارًا، وأذَّنَ بذلك بين أظهُرِ أُمَّتِهِ (¬١) ليلًا ونهارًا، إلى أنْ طلع فجرُ الإسلام، وأشرقت شمسُ الإيمان، وعلتْ كلمة الرحمن، وبَطلت دعوة الشيطان، وأضاءت بنور رسالته الأرضُ بعد ظلماتها، وتألَّفت به القلوب بعد تفرُّقها وشتاتها، فأشرقَ (¬٢) وجه الدهر حسنًا، وأصبح الظلامُ ضياءً، واهتدى كلُّ حيران، فلمَّا أكملَ اللَّهُ به دينه، وأتمَّ به نعمته، ونشرَ به على (¬٣) الخلائق رحمته، فبلَّغ رسالات ربه ونصح عباده، وجاهد في اللَّهِ حقَّ جهاده = خيَّره بين المُقام في الدنيا وبين لقائه والقدوم عليه، فاختار لقاءَ ربِّه محبَّةً له، وشوقًا إليه، فاستأثر به ونقله إلى الرفيق الأعلى، والمحل الأرفع الأسنى، وقد ترك أمته على الواضحة الغرَّاء، والمَحَجَّةِ البيضاء، فسلك أصحابُه وأتباعهم على أثره إلى جنَّات النَّعيم، وعدلَ الراغبون عن هديه إلي طريقِ (¬٤) الجحيم: {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال: ٤٢].
فصلَّى اللَّهُ وملائكته وأنبياؤه ورسله وعبادُه المؤمنون عليه، كما وحَّد اللَّه وعبَدَهُ، وعرَّفنا به ودعا إليه.
---------------
(¬١) من "أ"، وفي باقي النسخ "الأُمَّة".
(¬٢) في "هـ" "فأشرق به وجه".
(¬٣) في نسخةٍ على حاشية "أ" "على كل الخلائق"، ووقع في "هـ" "ونشر على الخلائق".
(¬٤) قوله "هديه إلى طريق" وقع في "أ" "هذه إلى طرق".

الصفحة 6