كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

صحن خدِّها، كما يرى في المرآة التي جلَّاها صيقلها، ويرى مخَّ ساقها من وراء اللحم، ولا يستره جلدها ولا عظمها ولا حُلَلُها، لو اطلعت على الدنيا لملأت ما بين السماء والأرض ريحًا، ولا استنطقت أفواهَ الخلائقِ تهليلًا وتكبيرًا وتسبيحًا، ولتزخرف لها ما بين الخافقين، ولأغمضت عن غيرها كلَّ عينٍ، ولطمستْ ضوءَ الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم، ولآمن من على ظهرها باللَّه الحيَّ القيوم، نصيفها على رأسها خيرٌ من الدنيا وما فيها، ووصالها أشهى إليه من جميع أمانيها، لا تزداد على تطاول الأحقاب إِلَّا حسنًا وجمالًا، ولا يزدادُ لها على طول المدى إِلَّا محبة وَوِصالًا، مُبَرَّأة من الحبلِ والولادة والحيضِ والنفاس، مطهَّرة من المخاطِ والبصاق والبولِ والغائط وسائرِ الأَدناس، لا يفنى شبابُهَا، ولا تبلى ثيابها، ولا يخلقُ ثوب جمالها، ولا يملُّ طيبُ وصالها، قد قصرتْ طرفها على زوجها، فلا تطمحُ لأحدٍ سواهُ، وقَصَرَ طرفه عليها فهي غايه أُمنيته وهواه، إنْ نظرَ إليها سرَّته، وإنْ أمرها أطاعته، وإنْ غابَ عنها حفظته، فهو معها في غاية الأماني والأمان، هذا، ولم يطمثها قبله إنسٌ ولا جانٌّ، كلما نظر إليها ملأت قلبه سرورًا، وكلَّما حدثته ملأت أُذُنه لؤلؤًا منظومًا ومنثورًا، وإذا برزت ملأت القصرَ والغرفة نورًا.
وإنْ سألت عن السِنِّ فأترابٌ في أعدلِ سنِّ الشباب.
وإنْ سألت عن الحُسن فهل رأيت الشمس والقمر؟!
وإنْ سألتَ عن الحدَق فأحسن سواد في أصفى بياض، في أحسن حَوَر.

الصفحة 601