كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

التقبيل، وإنْ نوَّلتْ فلا ألذَّ ولا أطيبَ من ذلك التَّنويل.
هذا، وإنْ سألت عن يوم المزيد، وزيارة العزيز الحميد، ورؤية وجهه المنزَّه عن التمثيل والتشبيه، كما تُرَى الشمس في الظهيرة والقمر ليلة البدرِ، كما تواتر عن الصادق المصدوق النقل فيه، وذلك موجود في الصِّحاح، والسنن، والمسانيد، من رواية: جرير، وصهيب، وأنس، وأبي هريرة، وأبي موسى، وأبي سعيد = فاستمع يوم ينادي المنادي: يا أهل الجنَّة، إنَّ ربَّكم تبارك وتعالى يستزيركم فحيَّ على زيارته، فيقولون: سمعًا وطاعة، وينهضون إلى الزيارة مبادرين، فإذا بالنَّجائب قد أُعدتْ لهم، فيستوون على ظهورها مسرعين، حتَّى إذا انتهوا إلى الوادي الأفيح الَّذي جُعل لهم موعدًا، وجُمِعُوا هناك، فلم يغادر الدَّاعي منهم أحدًا = أمرَ تبارك وتعالى بكرسيِّه فنصبَ هناك، ثمَّ نصبت لهم منابر من نور، ومنابر من لؤلؤ، ومنابر من زبرجد، ومنابرُ من ذهب، ومنابر من فضة، وجلس أدناهم -وحاشاهم من الدنايا- (¬١) على كثبان المسك، ما يرون أنَّ أصحاب الكراسي فوقهم في العطايا، حتَّى إذا استقرت بهم مجالسهم، واطمأنت بهم أماكنهم نادى المنادي: يا أهل الجنَّة إنَّ لكم عندَ اللَّهِ موعدًا يريدُ أنْ ينجزَكموه، فيقولون: ما هو؟ ألم يُبيض وجوهنا ويثقِّل موازيننا، ويدخلنا الجنَّة، ويزحزحنا عن النَّارِ، فبينا هم كذلك إذ سطع لهم نورٌ أشرقت له الجنَّة، فرفعوا رؤوسهم، فإذا الجبَّار جلَّ جلاله، وتقدَّستْ أسماؤه، قد
---------------
(¬١) في "ب، هـ": "الدنا"، وفي "أ": "الدنيا"، ووقع في المطبوعة بعد "الدنايا" "أنْ يكون فيهم دنيء".

الصفحة 603