كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

يخرجوا من النَّارِ من كان لا يشرك باللَّه شيئًا ممَّن أراد اللَّه أنْ يرحمه ممَّن يقول: لا إله إِلَّا اللَّهُ، فيعرفونهم بأثر السجود، تأكل النَّارُ من ابن آدم إِلَّا أثرَ السجود، حرَّم اللَّهُ على النَّارِ أنْ تأكل أثر السجود، فيخرجون من النَّارِ قد امْتُحِشُوا فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون منه كما تنبت الحبَّة في حَميل السيل، ثمَّ يفرغ اللَّهُ من القضاء بين العباد، ويبقى رجلٌ مقبل بوجهه على النَّارِ - وهو آخر أهل الجنَّة دخولًا الجنَّة - فيقول: أي ربِّ أصرف وجهي عن النَّارِ، فإنَّه قد قَشَبني ريحُها وأحرقني ذكاؤها، فيدعو اللَّه ما شاء أنْ يدعوهُ، ثمَّ يقول اللَّه تبارك وتعالى: هل عسيت إنْ فعلت ذلك أن تسأل غيره؟ فيقول: لا أسألك غيره، فيُعطِي ربه من عهود ومواثيق ما شاء، فيصرف اللَّه وجهه عن النَّار، فإذا أقبلَ على الجنَّة، ورآها سكت ما شاء اللَّه أن يسكت، ثمَّ يقول: أَي ربِّ قدِّمني إلى باب الجنَّة، فيقول اللَّهُ: أليس قد أعطيتَ عهودك ومواثيقك لا تسألني غير الَّذي أعطيتك؟ ويلك يا ابن آدم ما أغدرك! فيقول أي رب فيدعو اللَّه حتَّى يقول له: فهل عسيت إنْ أعطيتك ذلك أنْ تسأل غيره؟ فيقول: لا وعِزَّتك، فيُعطي ربَّه ما شاء اللَّه من عهودٍ ومواثيق فيقدمه إلى باب الجنَّة، فإذا قامَ على باب الجنَّة انفهقت له الجنَّة فرأى ما فيها من الخيرِ والسرور، فسكتَ ما شاء اللَّهُ أنْ يسكت، ثمَّ يقول أي ربِّ أدخلني الجنَّة، فيقول اللَّه تبارك وتعالى له: أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك أنْ لا تسأل غير ما أُعطِيت؟ ويلك يا ابن آدم ما أغدرك! فيقول: أي ربِّ، لا أكون أشقى خلقك، فلا يزال يدعو حتَّى يضحك اللَّه منه، فإذا ضحك اللَّه منه قال: أدخل الجنَّة، فإذا دخلها قال اللَّه له: تَمَنَّهْ، فيسأل ربه ويتمنَّى حتَّى أنَّ اللَّهَ لَيُذَكَّره فيقول:

الصفحة 630