كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

تردون؟ فيحشرون إلى النَّارِ كأنَّها سراب يَحْطِمُ بعضها بعضًا، فيتساقطون (¬١) في النَّارِ، ثمَّ يدعى النصارى، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كُنَّا نعبد المسيح ابنَ اللَّه، فيقال لهم: كذبتم ما اتخذ اللَّهُ من صاحبة ولا ولد، فيقال: ماذا تبغون؟ فيقولون: عطشنا يا ربنا فاسقنا، قال: فيشار إليهم ألا تردون؟ فيُحْشَرون إلى جهنَّمْ كأَنَّها سراب يحطم بعضها بعضًا، فيتساقطون في النار، حتَّى إذا لم يبق إلا من كان يعبد اللَّه من بر وفاجر، أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها. قال: فما تنتظرون؟ لِتَتَّبع كل أمة ما كانت تعبد، قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ باللَّه منك لا نشرك باللَّه شيئًا -مرتين أو ثلاثًا- حتى إنَّ بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه بها؟ فيقولون: نعم، فيُكْشَف عن ساقٍ فلا يبقى من كان يسجد للَّه من تلقاء نفسه إلا أذن اللَّه له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتَّقاءً ورياء إلا جعل اللَّه ظَهْره طبقةً واحدةً، كلمَّا أراد أنْ يسجد خرَّ على قفاهُ، ثمَّ يرفعون رؤوسهم، وقد تحوَّل في صورته التي رأوهُ فيها أَوَّل مرَّة، فيقولُ: أنا ربُّكم، فيقولون: أنت ربنا، ثمَّ يُضْرَب الجسر على جهنَّم وتحلُّ الشفاعة، قيل: يا رسول اللَّه وما الجسر؟ قال: دحض مزلَّة فيه خطاطيف وكلاليب، وحَسَك -تكون بنجدٍ فيها شويكة يقال لها السَّعْدَان- فيمرُّ المؤمنون كطرف العين، وكالبرق، وكالرِّيح، وكالطير، وكأجاويد الخيل والرِّكابِ،
---------------
(¬١) في نسخة على حاشية "أ": "فيتسابقون"، وكذلك مثله ما بعده.

الصفحة 632