كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

فناجٍ مسلَّم، ومخدوشٌ مُرْسَلٌ، ومكدوشٌ في نار جهنَّم، حتَّى إذا خلص المؤمنون من النَّار، فوالَّذي نفسي بيده ما منكم من أحدٍ بأشدَّ مناشدةً للَّه في استيفاء الحقِّ من المؤمنين للَّه يوم القيامة لإخوانهم الَّذين في النَّارِ، يقولون: ربنا كانوا يصومون معَنَا ويصلون ويحجُّون، فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النَّارِ فيُخرجون خلقًا كثيرًا، قد أخذتِ النَّار إلى أنصاف ساقيه وإلى ركبتيه، فيقولون: ربَّنَا ما بقيَ فيها أحد ممن أمرتنا، فيقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينارٍ من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقًا كثيرًا، ثمَّ يقولون: ربنا لم نَذَرْ فيها أحدًا ممن أمرتنا، ثمَّ يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينارٍ من خير فأخرجوه، فيُخْرِجون خلقًا كثيرًا، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا أحدًا، ثم يقول: ارْجِعوا فمن وجدتم في قلبه مثال ذرَّةٍ من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقًا كثيرًا، ثمَّ يقولون: ربنا لم نذر فيها خيرًا -وكان أبو سعيد الخدري يقول: إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرؤوا إنْ شئتم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: ٤٠] - فيقول اللَّه عزَّ وجلَّ: شفعتِ الملائكة، وشفع النَّبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبقَ إِلَّا أرحمُ الرَّاحمين، فيقبض قبضة من النَّار فيُخْرج منها قومًا لم يعملوا خيرًا قطُّ، قد عادوا حُمَمًا فيلقيهم في نهرٍ في أفواهِ الجنَّة يقال له: نهر الحياة، فيخرجون كما تخرجُ الحِبَّة في حَميل السيل، ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر، ما يكون إلى الشمس أصيفر وأُخيضر، وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض، فقالوا يا رسول اللَّه كأنَّكَ كنتَ ترعى بالبادية، قال: فيخرجون كاللؤلؤ في

الصفحة 633