كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
[الأعراف: ١٣]، أيفسح له أنْ يرقى إلى جنة المأوى فوق السَّماء السَّابعة بعد السخط عليه، والإبعادِ له، والدَّحْر (¬١) والطرد بعُتُوَّهِ (¬٢) واستكباره، وهل هذا يلائم قوله: {فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا} فإنْ كانت مخاطبته لآدم بما خاطبه به وقاسمه عليه ليست تَكَبُّرًا، فما التكبر بعد هذا؟!
فإنْ قلتم: فلعلَّ وسوسته وصلتْ إلى الأبوين، وهو في الأرضِ، وهما فوق السماء في عليين = فهذا غير معقولٍ لغة ولا حسًّا ولا عُرْفًا.
وإن زعمتم أنَّه دخلَ في بطن الحيَّة حتى أوصل إليهما الوسوسة = فأبطلُ وأبطلُ، إذ كيف يَرْقى (¬٣) بعد الإهباطِ له إلى أنْ يدخل الجنَّة، ولو في بطن الحيَّة؟!
وإنْ قلتمْ: إنَّه دخلَ في قلوبهما، ووسوس إليهما = فالمحذور قائم.
وأيضًا؛ فإنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى حكى (¬٤) مخاطبته لهما كلامًا سمعاهُ شفاهًا، فقال: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ} [الأعراف: ٢٠]، وهذا دليلٌ على مشاهدته لهما وللشَّجرة، ولمَّا كان آدم خارجًا من الجنَّة وغير ساكن فيها قال اللَّه تعالى له: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ}
---------------
(¬١) في "ج": "والزجر"، وفي "هـ": "والدحور".
(¬٢) في حاشية "ج" ما نصُّه: "العُتو: التجاوز عن الحدَّ"، ووقع في "هـ": "لعتوَّه".
(¬٣) في "ب، د": "ترقَّى".
(¬٤) جاء في نسخةٍ على حاشية "أ": "حكى عن".