كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 1)

وَالثَّالِثُ: مَكَانُ الْحَيْضِ وَهُوَ الْفَرْجُ كَمَا يُقَالُ: مبيت ومقيل لمكان البيتوتة، ومكان القيولة، وَهُوَ قَوْلُ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَجُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ.
وَقَوْلُهُ {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ) {البقرة: 222) فِيهِ قراءتان:
إحداهما: أنه تأكيد لقوله " فاعتزلوا " بِالتَّخْفِيفِ وَضَمِّ الْهَاءِ، وَمَعْنَاهُ: انْقِطَاعُ الدَّمِ وَهُوَ قول مجاهد وعكرمة.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَحْدِيدٌ لِآخِرِ زَمَانِ التَّحْرِيمِ وَقَوْلُهُ " حتى يطهرن " فيه قراءتان.
وَالثَّانِيَةُ: بِالتَّشْدِيدِ وَفَتْحِ الْهَاءِ.
وَمَعْنَاهُ: حَتَّى يَغْتَسِلْنَ.
وقوله {فَإِذَا تَطَهرْنَّ) {البقرة: 222) فيه قولان:
أَحَدُهُمَا: تَطَهَّرْنَ مِنَ الدَّمِ بِانْقِطَاعِهِ وَهُوَ قَوْلُ أبي حنيفة.
وَالثَّانِي: يَطْهُرْنَ بِالْمَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّهَارَةَ إِلَى فِعْلِهِنَّ وَلَيْسَ انْقِطَاعُ الدَّمِ مِنْ فِعْلِهِنَّ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا وَفِي صِفَةِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ لِأَهْلِ التَّأْوِيلِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ:
أَحَدُهَا: غَسْلُ الْفَرْجِ وَهَذَا قَوْلُ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ.
وَالثَّانِي: الوضوء وهو قول طاووس وَمُجَاهِدٍ.
وَالثَّالِثُ: الْغُسْلُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ.
وَقَوْلُهُ: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ) {البقرة: 222) فِيهِ تأويلان:
أَحَدُهَا: الْقُبُلُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي حَالِ الْحَيْضِ دُونَ الدُّبُرِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ.
وَالثَّانِي: مِنْ قِبَلِ طُهْرِهِنَّ لَا مِنْ قِبَلِ حَيْضِهِنَّ، وَهَذَا قَوْلُ عِكْرِمَةَ وقَتَادَةَ.
وَالثَّالِثُ: فَأْتُوهُنَّ مِنْ قِبَلِ النِّكَاحِ لَا مِنْ قِبَلِ الْفُجُورِ وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ.
وَقَوْلُهُ {إنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَابِينَ) {البقرة: 222) ويحب المتطهرين فيه ثلاث تَأْوِيلَاتٍ:
أَحَدُهَا: الْمُتَطَهِّرِينَ بِالْمَاءِ وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ.
وَالثَّانِي: الْمُتَطَهِّرِينَ مِنْ أَدْبَارِ النِّسَاءِ أَنْ يَأْتُوهَا، وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ.
وَالثَّالِثُ: الْمُتَطَهِّرِينَ مِنَ الذُّنُوبِ أن يعودوا فيها بَعْدَ التَّوْبَةِ مِنْهَا وَهَذَا مَحْكِيٌّ عَنْ مُجَاهِدٍ أيضاً.

الصفحة 381