كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 1)

تَرَى قَدْ مَنَعَتْنِي الصَّلَاةَ وَالصَوْمَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأنا منها فَإِنِي أَبْعَثُ لَكِ الْكُرْسُفَ فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ قَالَتْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَالتَجِمِي قَالَتْ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَاتَّخِذِي ثَوْبًا قَالَتْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا أَثُجُّ ثَجًّا فَقَالَ النَّبِيُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَآمُرُكِ بِأَمْرَيْنِ أَيَّهُمَا فَعَلْتِ أَجَزَاكِ عَنِ الْآخَرِ فَإِنْ قَوِيتِ عَلَيْهِمَا فَأَنْتِ أَعْلَمُ قَالَ إِنَّمَا هِيَ ركضةٌ مِنْ رَكْضَاتِ الشَّيْطَانِ فَتَحَيَّضِي سِتَةَ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي عِلْمٍ اللَهِ ثُمَّ اغْتَسِلِي حَتَى إِذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ واستنقأت فصلي أربعاً وعشرين ليلةً وأيامها أو ثلاثة وعشرين ليلة وأيامها وصومي فإنه يجزيك وَكَذَا افْعَلِي فِي كُلِّ شهرٍ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ وَكَمَا يَطْهُرْنَ مِيقَاتَ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ فَإِنْ قَوِيتِ عَلَى أَنْ تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي الْعَصْرَ فتغتسلين ثُمَ تُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ تُؤَخِّرِينَ الْمَغْرِبَ ثمَ تَغْتَسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَافْعَلِي وَتَغْتَسِلِينَ عِنْدَ الْفَجْرِ ثُمَّ تُصَلِّينَ الصُّبْحَ وَكَذَلِكَ فَافْعَلِي وَصُومِي إِنْ قَوِيتِ عَلَى ذَلِكَ قال وهذا أحب لاأمرين إليّ.

(فصل)
: فإذا أوضح حُكْمُ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَحَيْضُ الْمَرْأَةِ يَتَعَلَّقُ بِهِ سَبْعَةُ أَحْكَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنَ الصَّلَاةِ وَيُسْقِطُ الْقَضَاءَ أَمَّا تَرْكُ الصَّلَاةِ؛ فَلِرِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِيرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ حَمْنَةَ بِنْتَ جَحْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فَسَأَلَتِ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ ذَلِكَ فَأَمَرَهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا وَأَمَّا سُقُوطُ الْقَضَاءِ فَلِرِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ عَائِشَةَ أَتَقْضِي الْحَائِضُ الصَّلَاةَ فَقَالَتْ أحروريةٌ أَنْتِ قَدْ كُنَّا نَحِيضُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَا نَقْضِي الصَّلَاةَ وَلَا نُؤمَرُ بِقَضَائِهَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنَ الصِّيَامِ وَيُوجِبُ الْقَضَاءَ لِرِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: " إِنْ كَانَ لَيَكونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ فِي رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ حَتَّى يَأْتِيَ شَعْبَانُ " يَعْنِي: صَوْمَ مَا أَفْطَرَتْ بِالْحَيْضِ، ثُمَّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْقَضَاءِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّلَاةِ فِي الْقَضَاءِ وَالصَّوْمِ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ لُحَوْقُ الْمَشَقَّةِ فِي قضائها للصلاة دون الصيام فزادت المشقة فِي قَضَائِهَا وَقَلِيلَةُ الصِّيَامِ وَعَدَمُ الْمَشَقَّةِ فِي قَضَائِهِ.
وَالثَّالِثُ: الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ لِرِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ

الصفحة 383