كتاب الحاوي الكبير (اسم الجزء: 1)
عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصَّلَاةَ " وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ: وَتُرَدُّ إِلَى أَقَلِّ الْعَادَةِ وَهِيَ الْخَمْسَةُ، وَحَكَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْعَدَدِ، وَهُوَ قَوْلُ أبي حنيفة لِدُخُولِهَا فِي السَّبْعَةِ وَالْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ حَاضَتْ سَبْعَةً وَعَشَرَةً فَقَدْ حَاضَتْ خَمْسَةً، مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الِاحْتِيَاطِ وَالِاسْتِظْهَارِ، وَهَذَا الْقَوْلُ غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّ مُبْتَدَأَةً لَوْ حَاضَتْ فِي أَوَّلِ شُهُورِ حَيْضِهَا خَمْسًا، وَفِي الثَّانِي: عَشْرًا، ثُمَّ أُشْكِلَ دَمُهَا فِي الثَّالِثِ، وَتَجَاوَزَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ رُدَّتْ إِلَى الْعَشْرَةِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى شَهْرِ الِاسْتِكْمَالِ وَلَمْ تَكُنِ الْحُمْرَةُ مُعْتَبَرَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ أَحْوَطَ؛ لِأَنَّهَا أَبْعَدُ كَذَلِكَ غَيْرُ الْمُبْتَدَأَةِ فَهَذَا حُكْمُ الْمُعْتَادَةِ وَهُوَ الثَّانِي مِنْ أَقْسَامِ الْمُسْتَحَاضَةِ.
(فَصْلٌ)
: فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَقْسَامِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَهِيَ الَّتِي قَدِ اجْتَمَعَ لَهَا تَمْيِيزٌ وَعَادَةٌ، وَصُورَتُهَا: فِي امْرَأَةٍ قَدِ اسْتَقَرَّتْ لَهَا عَادَةٌ فِي حَيْضِهَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ شُهُورِهَا وَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فِي شَهْرِهَا حَتَّى تَجَاوَزَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ وَهُوَ مُتَمَيِّزٌ بَعْضُهُ أَسْوَدُ وَبَعْضُهُ أَحْمَرُ أو أصفر، فَصَارَتْ جَامِعَةً بَيْنَ التَّمْيِيزِ فِي حَيْضِهَا، وَبَيْنَ الْعَادَةِ فِيمَا سَلَفَ مِنْ شُهُورِهَا فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا تُرَدُّ إِلَى تَمْيِيزِهَا دُونَ عَادَتِهَا، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ خَيْرَانَ: بَلْ تُرَدُّ إِلَى عَادَتِهَا دُونَ تَمْيِيزِهَا اسْتِدْلَالًا بِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعَادَةَ تَأْتَلِفُ، وَالتَّمْيِيزَ يَخْتَلِفُ، وَالْمُؤْتَلِفُ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنَ الْمُخْتَلِفِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَادَةَ مُتَكَرِّرَةٌ، وَالتَّمْيِيزَ مُنْفَرِدٌ، وَمَا تَكَرَّرَ أَوْلَى اعْتِبَارًا مِمَّا انْفَرَدَ، وَهَذَا خَطَأٌ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّمْيِيزَ صِفَةُ مَحَلِّ حَيْضِ الْإِشْكَالِ وَالْعَادَةُ فِي غَيْرِهِ وَالدَّلَالَةُ عَلَى الشَّيْءِ بِصِفَتِهِ أَوْلَى مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ التَّمْيِيزَ دَلَالَةٌ حَاضِرَةٌ، وَالْعَادَةَ دَلَالَةٌ مَاضِيَةٌ، وَالدَّلَالَةُ الْحَاضِرَةُ أَوْلَى اعْتِبَارًا مِنَ الدَّلَالَةِ الْمَاضِيَةِ، كَالْمُتَدَاعِيَيْنِ دَارًا وَلِأَحَدِهِمَا يَدٌ حَاضِرَةٌ فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ، إِذَا كَانَتْ لَهُ يَدٌ مُتَقَدِّمَةٌ، فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنَ الِاسْتِدْلَالَيْنِ فَكِلَاهُمَا مَدْخُولٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُمْ يُسَوُّونَ بَيْنَ مَا ائْتَلَفَ مِنَ التَّمْيِيزِ وَاخْتَلَفَ فِي تَقْدِيمِ الْعَادَةِ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِأَنَّهُمْ يُسَوُّونَ بَيْنَ مَا تَكَرَّرَ مِنَ التَّمْيِيزِ وَانْفَرَدَ فِي تَقْدِيمِ الْعَادَةِ عَلَيْهِ عَلَى
الصفحة 404
455